الهديل

خاص الهديل: خفايا تظهير مشهد محاولة اغتيال ترامب من ثلاث زوايا منتقاة عن سابق إصرار وتصميم!؟..

خاص الهديل..

بقلم: ناصر شرارة

دامت “حرب النكبة” التي جرت في العام ١٩٤٨ نحو تسعة أشهر وثلاثة أسابيع؛ ومع مضي الأيام القليلة المقبلة، تكون “حرب طوفان الأقصى” قد دخلت نفس هذه المدة الزمنية التي استغرقتها حرب نكبة ١٩٤٨.. وإذا جرى احتساب التوقع السائد بخصوص أن حرب طوفان الأقصى لا تزال مفتوحة زمنياً؛ فهذا يعني أن هذه الحرب الجارية الآن هي الأطول في تاريخ الحروب الإسرائيلية – العربية.

وهناك عدة مفارقات يجدر إيرادها عند عقد مقاربة بين حرب طوفان الأقصى ٢٠٢٣ وحرب نكبة الـ١٩٤٨: أبرزها أنه في حرب ٤٨ شارك نحو ٤ إلى ٦ جيوش عربية، فيما في الحرب الحالية (طوفان الأقصى) تخوضها قوة فلسطينية واحدة، وهي ليست جيشاً، ومع ذلك تصمد لمدة أطول من صمود الجيوش الـ٦ العربية عام ٤٨.. والسبب هنا ليس قلة كفاءة وشجاعة الجندي العربي، بل نقص استقلالية القرار الرسمي العربي آنذاك!!

.. صحيح ان هذه القوى الفلسطينية المشكلة من حماس وفصائل فلسطينية أخرى تلقى إسناداً من قوى أخرى غير فلسطينية وانطلاقاً من بلدان أخرى؛ إلا أن المقصود هنا هو أن القوة التي تعمل جغرافيا داخل ميدان فلسطين، هي حماس وأترابها فقط؛ بينما في حرب الـ٤٨ كان هناك نحو ٤ إلى ٦ جيوش عربية تشارك بالقتال على أرض فلسطين. ومرة أخرى يجدر التنبه إلى أن المشكلة التي واجهتها آنذاك هذه الجيوش العربية كانت تتحصر بأنها منقادة من حكومات عربية لم يكن استقلالها قد اكتمل بعد..

وحتى هذه اللحظة يمكن القول بكثير من الثقة أن حرب طوفان الأقصى أدخلت على القضية الفلسطينية، عدة معطيات استراتيجية لم تكن موجودة من قبل..

أهم هذه المعطيات يتمثل بأن السردية الصهيونية التي سادت العالم منذ مطالع القرن الماضي حول أحقية إسرائيل باحتلال فلسطين لم تعد قائمة؛ وبات يوجد في الجهة المنافسة لها حضور كبير للسردية الفلسطينية التي تفضح إسرائيل بوصفها آخر احتلال لا يزال موجوداً في العالم الحديث؛ وبأنها دولة متهمة بارتكاب الإبادة الجماعية بحق الشعب الفلسطيني، وبأن القضية الفلسطينية هي ضحية الحركة الصهيونية الإلغائية والاستيطانية التي هجّرت شعب صاحب أرض لتحل مكانه جماعات جاءت من كل أصقاع العالم.

بعد سبعين عاماً من التضليل أصبح العالم يرى الحقيقة الثمينة، ومفادها أنه ليس صحيحاً ما قاله هرتزل وجابوتنسيكي قبل نحو ماية عام عن “أن فلسطين هي أرض بلا شعب لشعب بلا أرض”؛ وأن الصحيح هو أن ما جرى عام ١٩٤٨ كان كناية عن الكذبة التالية: “دولة (بريطانيا) لا تملك الحق، أعطت من دون حق، أرضاً رغماً عن أصحاب الحق، لجهة لا تملك الحق”…

من أبرز الجوانب المهمة في عملية استيقاظ العالم على الحق الفلسطيني بعد ماية عام، هو أن هذا الاستيقاظ جرى فوق نقطة مهمة للغاية، وهي نقطة الجامعات العالمية الأكثر تنوراً وتقدماً في العالم.. والخطورة هنا على مشروع الاغتصاب الصهيوني تكمن في أن هذه الجامعات هي التي تصنع حكام العالم خلال العقد القادم؛ وهذا يؤشر إلى أمر هام وهو “أن ثورة الجامعات لدعم غزة يقوم بها طلاب اليوم الذين هم قادة العالم الغد”…

.. وهنا يجب التوقف بشيء من التأني عند جانب معين من المشهد الذي تم فيه عرض الصورة الإعلامية الخاصة بتغطية حدث محاولة اغتيال ترامب، وخاصة لجهة أن الإعلام الأميركي المؤيد للحركة الصهيونية؛ تقصد أن يظهر صورة لهذا المشهد انطلاقاً من ثلاث زوايا تم انتقاؤها عن سابق إصرار وتصميم:

الزاوية الأولى: التركيز على أن منفذ الإغتيال هو شاب في العشرين من عمره؛ أي أنه من عمر طلبة الجامعات الذين انتفضوا ضد دعم أميركا وحزبيها التقليديين لإسرائيل!!

الزاوية الثانية: جرى تقصد اعتماد صورة أساسية لتوزيعها وتعميمها حول هوية منفذ محاولة الإغتيال؛ ويظهر مضمون هذه الصورة المنفذ وهو يحصل من جامعته على شهادة تخرجه.. ويشتّم هنا محاولة ربط غير مباشرة ولكنها عميقة، بين المنفذ وبين إنتمائه لطلبة الجامعات.

الزاوية الثالثة تقصدت أن تركز على أن المنفذ يهودي وأنه بنفس الوقت من الحزب الجمهوري، ولكنه منقلب على هاتين الهويتين؛ وهنا محاولة لشيطنة كل يهودي ليس صهيونياً وكل جمهوري ضد ترامب الداعم بشكل أعمى لإسرائيل.

قد تكون الاستنتاجات الواردة أعلاه، تحتاج لمعطيات إضافية تؤكدها أو تنفيها؛ ولكن التحليل الذي يقول أن الصورة هي جزء من الهدف السياسي، يحتم على المراقب أن يسأل: لماذا هذا التركيز على الزوايا الثلاث لمنفذ محاولة الإغتيال(؟؟)؛ ألم يكن هناك زوايا أخرى لصورته ولسيرته الحياتية يمكن عرضها في إطار تغطية حدث البحث عن هوية المنفذ؟؟.

 سؤال يحتاج لوقت ربما يطول حتى تتضح إجابة شافية عنه!!

Exit mobile version