خاص الهديل….
بقلم: ناصر شرارة
تبنت “أنصار الله” عملية التسبب بانفجار داخل تل أبيب، حصل بفعل توجيه مسيرة حلقت على علو منخفض عبر البحر من دون أن تنجح منصات الاعتراض الجوي الإسرائيلية بمنعها من الوصول إلى هدفها..
والواقع ان وصول مسيرة الحوثي إلى تل أبيب بنحاح تُمثل “حرباً قائمة بذاتها داخل كل حرب غزة”؛ والسبب الإستثنائي الذي يدعو لوصفها بأنها “حرب مستقلة داخل كل حرب غزة” يعود للتوقيت الذي جرت به من جهة؛ ولرمزية مكان المهمة التي نفذتها من جهة ثانية؛ ولطبيعة المنطقة التي جاءت المسيرة منها من جهة ثالثة؛ وللبس الذي يحيط بنوعية المسيرة من جهة رابعة؛ وللغموض الذي يحيط بالسبب الحقيقي الكامن وراء فشل اعتراضها من قبل القبة الحديدية وأترابها..
كل هذه الأسباب وما يلحق بها من أسئلة ملتبسة أجوبتها، تجعل هجوم المسيرة ليل أمس على تل أبيب بمثابة “حرب بحد ذاتها داخل كل حرب غزة”.
.. لا شك أن التوقيت الذي حدث فيه هجوم المسيرة الملتبسة النوع على تل أبيب؛ سوف يؤدي في واحدة من نتائجه إلى “إرباك جدول أعمال زيارة نتنياهو إلى الولايات المتحدة الأميركية”؛ وسيجعله يصل إلى الكونغرس وهو أقل صرفاً وغروراً؛ وأقل كثيراً ثقة بنفسه تجاه إمكانية تحقيق ما يسميه بالنصر المطلق.. والمعادلة التي سترافق نتنياهو كظله إلى الولايات المتحدة الأميركية، بعد هجوم مسيرة ليلة أمس، هي التالية: أمن تل أبيب مقابل الاستمرار بتأجيل توقيع صفقة تبادل الأسرى ووقف النار..
.. أيضاً ثمة جانب آخر – ولو كان غير مباشر – لتوقيت هجوم المسيرة التي لم تنجح وسائط الاعتراض الجوي الإسرائيلي بالتصدي لها أمس؛ ومفاده ان هجوم المسيرة وقع بعد ساعات قليلة من ارتكاب إسرائيل مجزرة بلدة الجميجمة في قضاء صور بجنوب لبنان التي أدت لاستشهاد قيادي في وحدة الرضوان ومدنيين.
.. أما بخصوص عامل نوعية المسيرة التي تم تنفيذ الهجوم على تل أبيب بواسطتها؛ فهو أيضاً أمر خطر لا يزال محل سؤال استراتيجي بخصوصه؛ واللافت أن طرحه يتم حالياً في إسرائيل، ولكنه بعد أيام سيصبح هذا السؤال مطروحاً في أميركا وفي كل العالم وفي سوق الأسلحة الدولي.
يقول الإسرائيليون إن المسيرة التي هاجمت بنجاح تل أبيب هي نوع جديد من المسيرات التي لم يختبروها من قبل؛ فهي أكبر حجماً قياساً بالمسيرات السابقة التي هاجمت إسرائيل؛ وذات قدرة على قطع مسافات أبعد؛ وأنها إيرانية الصنع، الخ..
وقال الإسرائيليون إن سبب نجاح المسيرة في تجاوز منصات اعتراض الأهداف الجوية الإسرائيلية هو “خطأ بشري”.. واضح ان إسرائيل تريد تجنب القول انه خطأ له صلة بعدم قدرة منظومات الاعتراض الجوية لديها على التعامل مع المسيرة بنجاح، ومنعها من الوصول إلى هدفها؛ لأنه لو اعترفت إسرائيل بذلك؛ فإن هذا سيعني لائحة طويلة من الكوارث التي ستنزل على رأس الجبهة الداخلية الإسرائيلية التي ستصبح مكشوفة أمام هجمات مسيرات فصائل قوى الممانعة؛ والتي ستنزل أيضاً على رأس شركات تصنيع السلاح الأميركية والإسرائيلية التي تشترك في تصنيع القبة الحديدية وشقيقاتها من منظومات اعتراض الهجمات الصاروخية والتي تجني مليارات الدولارات من الأرباح، الخ..
باختصار إسرائيل لا تستطيع تحمل الإعلان الصريح عن فشل منظومة القبة الحديدة وشقيقاتها بالتصدي للهجمات الصاروخية أو للمسيرات؛ لأن لذلك نتائج كوارثية استراتيجية عليها، وعلى شركات السلاح وعلى ميزان القوى الإقليمي بينها وبين إيران وحلفاء الأخيرة في المنطقة.
ما يلفت الانتباه هو ان مشهد المنطقة ومعها العالم، يبدو وكأنه متخم بالمفاجآت المتتالية والمتلاحقة؛ وقد يكون سبب ذلك هو أن العالم يعيش مرحلة ان الولايات المتحدة الأميركية تجتاز “احداث الفوضى الديموقراطية” وليس “إنجاز العملية الديموقراطية”!!.