الهديل

خاص الهديل: أهداف زيارة نتنياهو لواشنطن: “اليوم التالي بعد ٢٤ تموز”؟؟

خاص الهديل…

بقلم: ناصر شرارة 

السؤال الذي بدأ يأخذ له صدى كبيراً في المنطقة هو ما الهدف الأهم الذي يريد نتنياهو تحقيقه في زيارته للولايات المتحدة الأميركية التي ستبدأ يوم ٢٤ الشهر الجاري؟.. واستدراكاً كيف سيكون اليوم التالي لهذه الزيارة في غزة وعلى جبهة حزب الله؟؟.

 

.. بالنسبة لنتنياهو فإنه يحاول الإيحاء بأن زيارته الراهنة لواشنطن التي تحدث في ظرف أن إسرائيل في حالة حرب؛ تشبه إلى حد التطابق الزيارة التي قامت بها غولدا مائير إلى واشنطن في عز اندلاع حرب أكتوبر العام ١٩٧٣. وآنذاك حدثت الزيارة في أجواء تباين بين مائير والرئيس الأميركي ريتشارد نيكسون على موضوع رفض الأولى إدخال مواد غذائية للجيش الثالث المصري المحاصر من قبل الجيش الإسرائيلي؛ بمقابل أن نيكسون كان يضغط على مائير لفك الحصار الغذائي عن الجيش الثالث ليكون ذلك نقطة تمهد لبدء مفاوضات سياسية بين تل أبيب والقاهرة.

 

كان مطلب مائير هو أن تبدأ مفاوضات تسوية بين إسرائيل ومصر كمدخل لفك التداخل العسكري بين الجيشين المصري والإسرائيلي على الجبهة؛ أي أنها أرادت أخذ الجيش المصري الثالث رهينة لتحقيق مكاسب سياسية؛ علماً أن توزع القوى العسكرية في ميدان الجبهة آنذاك، لم يكن له نفس هذا المعنى الحرفي لصالح إسرائيل، كما حاولت مائير أن توحي!!.

  

المهم أن نتنياهو سيقول لبايدن وللكونغرس في واشنطن يوم ٢٤ تموز ٢٠٢٤ نفس ما قالته مائير لنيكسون وللكونغرس عام ١٩٧٣. فهو سيعلن انه لن يكون أقل من مائير بموضوع التشدد بإبقاء حصار الجيش الإسرائيلي لغزة طالما انه لم يتم فتح أفق سياسي ينهي سلطة حماس على القطاع في اليوم التالي لتوقف الحرب..

 

سيقول نتنياهو إنه “لا فك نزاع” في غزة قبل تحقيق الهدف السياسي للحرب الإسرائيلية على غزة؛ تماماً كما قالت مائير عام ١٩٧٣ لنيكسون أنه لا بدء بفك النزاع العسكري في سيناء قبل الجلوس على طاولة سياسية مع مصر..

 

سيقول نتنياهو انه طالما لا يوجد حل سياسي يؤمن أهداف الحرب الإسرائيلية في غزة؛ فإن الحرب في غزة ستستمر؛ ولا انسحاب من فيلادلفيا ولا من نتساريم ولا من مواقع انطلاق عسكرية داخل غزة تؤمن لوجستياً إمكانية العودة للمناورة العسكرية البرية!!.

 

باختصار فإن نتنياهو ذاهب إلى الكونغرس ليقول ان سقف ما يقبل به رئيس حكومة إسرائيل عام ٢٠٢٤ هو نفس سقف ما طرحته رئيس الحكومة غولدا مائير عام ٧٣ كحد أدنى لا تتراجع عنه.. ويريد نتنياهو من خلال هذه المقاربة القول إنه ليس صحيحاً أن إسرائيل تسير في حرب غزة وراء قيادة يمينية عنصرية متطرفة؛ بل الصحيح هو ان إسرائيل اليوم تسير في حرب غزة وراء نفس الأهداف التي سارت عليها غولدا مائير في حرب أكتوبر ٧٣؛ علماً ان مائير تنتمي لحزب العمل وتعتبر من رموز التيار الاشتراكي الصهيوني المناقض للتيار الجابوتنسكي اليميني. 

 

مطلب ثان – وهو له المنزلة الأولى – سيطلبه نتنياهو من واشنطن؛ وهو أيضاً سينسبه إلى لائحة المطالب التي أعلنتها مائير خلال زيارتها لواشنطن أثناء حرب العام ٧٣؛ إذ حينها قالت مائير لنيكسون ان ما تريده إسرائيل من الصديق الأميركي الاستراتيجي ليس النصائح السياسية في هذه اللحظات الصعبة؛ بل تريد من العم سام ثلاثة أمور استراتيجية: الأول السلاح والثاني السلاح والثالث السلاح.. 

وقالت مائير لنيكسون حينها أيضاً ان الأصدقاء الحقيقيين هم الذين يحمون أصدقائهم أوقات المحن بدل الضغط عليهم.

 

وسيجد نتنياهو بلا شك أن مضمون خطاب مائير مع نيكسون، يناسبه لحد كبير لجهة أنه يصلح لاستخدامه من قبله مع بايدن.. 

 

والواقع أن لائحة مطالب نتنياهو خلال زيارته للولايات المتحدة الأميركية، ستندرج بالترتيب وبالمضمون على النحو التالي: 

 

أولاً- بالشكل سيؤكد نتنياهو انه ليس رئيس حكومة تيار أقصى اليمين المتطرف والذي يوجد ضد مستوطنين منه في الضفة الغربية عقوبات أميركية، بل سيقدم نفسه خلال الزيارة بوصفه رئيس حكومة يعبر عن مطالب إسرائيل حينما تكون في حالة حرب؛ وعليه فإن مطالبه ليست كهانية (نسبة للحاخام كهانا المتهم بالإرهاب حتى في إسرائيل) بل مائيرية (نسبة لغولدا مائير المعتبرة في واشنطن انها شخصية معتدلة)!!.

 

ثانياً- فيما يتعلق بالمطالب؛ فهي ستندرج وفق الترتيب التالي من أعلى إلى أسفل ومن الأهم إلى المهم: 

 

في المقدمة يقع موضوع السلاح ثم السلاح ثم السلاح، وملف استمرار أميركا بمد إسرائيل بالسلاح بكل أنواعه، ومن دون أية شروط.

 

.. بعد هذا المطلب، تأتي مجموعة مطالب سياسية؛ وفي مقدمها ضرورة تحرك واشنطن لإيقاف حركة إدانة إسرائيل من قبل مؤسسات الأمم المتحدة (المحاكم). يلي هذا المطلب البحث في وضع إسرائيل الاستراتيجي في الشرق الأوسط في ظل تطور حرب طوفان الأقصى.. والواقع انه تحت هذا العنوان سيتم نقاش موضوع جبهة غزة والجبهة الشمالية مع حزب الله والموضوع الإيراني بشقيه المتعلقين باحتمال امتلاك طهران سلاح نووي بحلول عام ٢٠٢٦، وبنفوذها المتعاظم في الشرق الأوسط..

خلاصة القول ان زيارة نتنياهو لن تحقق أجوبة سريعة على تحديات المرحلة كما يتوقع كثيرون؛ بل ستؤسس لنقاش استراتيجي بخصوص عنوان محدد يتم من خلاله طرح قضية طبيعة المواجهة المقبلة في الشرق الأوسط.. وهذا العنوان سيكون له تطبيقات عملية مشتركة إسرائيلية أميركية بعد نوفمبر المقبل، بغض النظر عن إسم الرئيس الذي سيجلس في البيت الأبيض.

Exit mobile version