الهديل

خاص الهديل: وقائع خطة نتنياهو للرد على جريمة مجدل شمس!!. 

خاص الهديل…

بقلم: ناصر شرارة 

لم يعد ذو جدوى السؤال عن هوية الصاروخ الذي سقط على ملعب بلدة مجدل شمس.. فمثل هذه الأحداث لا يتم الكشف عن الحقيقة فيها؛ وذلك لألف سبب وسبب. ولكن بديهي ومنطقي الاستنتاج بثقة أنه لا يوجد لحزب الله ولو شبهة مصلحة باستهداف مجدل شمس البلدة العربية المحتلة التي اشتهرت مع بلدتان عربيتان يقطنها دروز في الجولان المحتل، بالدفاع عن هويتهم السورية.. وبالمقابل هناك سيناريو حول ما حصل في مجدل شمس، يوجد بخصوصه الكثير من السوابق التي تؤيده؛ وهو أن يخطئ صاروخ تطلقه القبة الحديدة طريقه فيسقط على منطقة مدنية.. مثل هذه الواقعة حدثت في المرات السابقة..

.. إلى ذلك هناك سيناريو المؤامرة؛ ومفاده أن تكون إسرائيل قصفت بصاروخ ملعب مجدل شمس، كي تتهم حزب الله بأنه هو الفاعل؛ والهدف من ذلك تحقيق غايات استراتيجية بعيدة: كمثال شن حرب شاملة على لبنان بذريعة أن الحزب ارتكب مجزرة في مجدل شمس ضد مدنيين؛ أو كمثال استغلال هذه الواقعة لفتح جبهة من نوع آخر بوجه الحزب و”محور الممانعة”؛ قوامها خلق شرخ داخل النسيج الاجتماعي اللبناني بين الشيعة والدروز، وداخل النسيج الفلسطيني بين حماس والدروز، وداخل النسيج السوري بين الدولة السورية والدروز وصب الزيت على أحداث السويدا!!..

كل السيناريوهات الواردة أعلاه محتملة؛ ولكن حتى الآن، يبدو واضحاً أقله الأمور التالية:  

أولاً – إسرائيل – وبالأخص نتنياهو – معنية بالاستثمار بجريمة مجدل شمس سياسياً وإعلامياً ونفسياً ضد لبنان وضد حزب الله؛ وذلك بأكثر مما هي معنية بالاستثمار في هذه الجريمة عسكرياً وباتجاه أخذ تداعياتها لحرب شاملة.

صحيفة معاريف كتبت اليوم ما معناه أن الأمور قد تأخذ حدث مجدل شمس إلى بناء تسوية وليس إلى نشوب حرب!!. 

.. هذا لا يعني أن إسرائيل لن تستغل هذه الواقعة المؤسفة من أجل تطوير تصعيد عسكري تكتيكي ضد حزب الله؛ أو تغيير تكتيكي وليس استراتيجي لقواعد الاشتباك السائدة في الشمال؛ وهذه التغييرات – أي التصعيد العسكري وتعديل قواعد الاشتباك – له أولوية عند نتنياهو وغالانت والجيش على أولوية شن حرب شاملة ضد حزب الله.. كما أن أولوية استغلال مجدل شمس في عملية فتح جبهة سياسية ونفسية وإعلامية ضد حزب الله لها أولوية أيضاً على أية تفكير عسكري تكتيكي أو شامل استراتيجي. 

قصارى القول أن أولوية تل أبيب بخصوص كيفية مقاربتها لقضية مجدل شمس؛ تكمن بكيفية تحويل هذا الملف إلى أداة ضغط إعلامي وسياسي ونفسي شامل واستراتيجي، وعسكري تكتيكي على لبنان وحزب الله؛ وبتوصيف أدق هو كيفية تحويل هذا الملف (جريمة مجدل شمس) إلى جبهة سياسية وإعلامية ونفسية مفتوحة ضد حزب الله ولبنان.

ثانياً- نتنياهو عائد إلى إسرائيل من زيارته إلى الولايات المتحدة الأميركية وفي ذهنه الترتيب التالي لأهدافه: استغلال القوة الفائضة التي حصل عليها نتيجة خطابه في الكونغرس، ليصرفها على تحسين وضعه السياسي الداخلي الإسرائيلي؛ وأول أهدافه على هذا الصعيد هو إزاحة غالانت عن وزارة الدفاع وإحلال جدعون ساعر مكانه.. أي أن نتنياهو يعطي أولوية في هذه المرحلة لسعيه بتفكيك محاولة مبكرة تجري بتواطؤ بين غانتس وغالانت وهاليفي، لتنظيم انقلاب عسكري أبيض عليه داخل الليكود وداخل الحكومة وداخل معادلة القرار السياسي الإسرائيلي. 

إن تحرك نتنياهو من أجل إفشال انقلاب العسكر عليه؛ لا يستطيع من وجهة نظره أن ينتظر؛ بينما البحث بحل جذري للجبهة اللبنانية يستطيع الانتظار خاصة وأن نتنياهو يعتبر أن حرب غزة لا تزال أولوية ولا تزال بحاجة لمزيد من الوقت قبل وقف النار.. بالشكل سوف يعطي نتنياهو لدى وصوله إلى إسرائيل أقوى الانطباعات بأنه بكر عودته “ساعتين” من أميركا حتى يقود رد إسرائيل العسكري على حزب الله انتقاماً لما حصل في مجدل شمس؛ ولكن الوقت الثمين الذي سوف يصرفه نتنياهو سيكون لإنجاز تفكيك تواجد معارضة غانتس داخل بيئته من خلال هاليفي وبخاصة غالانت داخل حكومته.. والواقع أن معركة استئصال غالانت من حكومته سيكون لها بالعمق وليس بالشكل أولوية في هذا الوقت على معركة صياغة رد عسكري استراتيجي وليس تكتيكياً على حزب الله.

ثالثاً- لا شك أن نتنياهو سيرد على ما يزعمه انه هجوم للحزب على مجدل شمس.. ولكن رده سيتم وفق الغايات التالية: أ- سيكون رداً وليس حرباً؛ ب- سيتوسل شكل الرد فحص ما إذا كان سيكون له تداعيات لبنانية داخلية من جنس حدث مجزرة مجدل شمس التي سيدعي نتنياهو بأنه ضرب الحزب رداً عليها وانتقاماً للأطفال العرب الدروز الذين سقطوا فيها!!؟.

وهنا يجدر إدراج ملاحظة موحية وتخدم الفكرة المشار إليها في أعلاه: قناة ١٢ الإسرائيلية قالت أمس وليد جنبلاط وقف مؤخراً مع حزب الله وانتقد قيادات درزية داخل إسرائيل؛ وتساءلت قناة ١٢: هل جنبلاط سيغير موقفه بعد مجزرة مجدل شمس(؟!) التي ستصر إسرائيل زوراً على أن الحزب ارتكبها!!. 

الواقع أن الجزء الأساسي من خطة إسرائيل بخصوص مجدل شمس هو استثمارها في “خطة إشعال الساحات” التابعة “لمحور الممانعة” بمقابل خطة “وحدة الساحات”..

Exit mobile version