الهديل

خاص الهديل: الشرق الأوسط إلى المحرقة…

خاص الهديل…

بقلم: ناصر شرارة

صار واضحاً الآن أن زيارة بنيامين نتنياهو إلى الولايات المتحدة الأميركية أسفرت عن نتيجة أساسية، وهي أن واشنطن أعطت نتنياهو الضوء الأخضر كي يدخل المرحلة الثالثة على مستوى كل منطقة الشرق الأوسط من منطقة المواصي في غزة مروراً بحارة حريك عاصمة محور الممانعة، وصولاً إلى إيران عاصمة الشرق الأوسط.. والمرحلة الثالثة داخل حرب غزة هو مصطلح صاغه مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان ويعني تخفيف الكثافة النارية وتقييد حماس من خلال شن حملة أمنية استراتيجية تشمل تنفيذ اغتيالات وضربات نقطوية ضد قادتها ونشطائها المختلفين؛ وتشارك مخابرات الناتو بتزويد إسرائيل بما تحتاجه من رصد تكنولوجي جار لملاحقة قادة حماس وعناصرها في غزة ليصار إلى اغتيالهم.

ما يحدث اليوم هو أن مرحلة سوليفان الثالثة التي كان يفترض أن ينفذها نتنياهو في غزة؛ يقوم الأخير بتنفيذها على مستوى كل منطقة الشرق الأوسط من حارة حريك مروراً بسورية والعراق وصولاً إلى طهران؛ ولا شك أن نتنياهو مؤازر استخباراتياً ومغطى سياسياً في هذه الحرب من قبل الولايات المتحدة الأميركية..

وهناك سؤال أساسي مطروح بقوة وهو لماذا تغطي أميركا ذهاب نتنياهو إلى اللعب على حافة الهاوية الإقليمية؛ طالما أن الولايات المتحدة الأميركية لا تريد توسيع حرب غزة؟؟.

يبدو أن توازنات القرار الأميركي في هذه اللحظة التي تسيطر عليها الحمى الانتخابية المستعرة؛ غير محسوبة على أساس ماذا يمكن أن يحدث لتجنيب المنطقة الخطر؛ بل على أساس ماذا يمكن فعله لكسب الحظوظ الانتخابية؛ وضمن هذا التفكير يبدو واضحاً أن إدارة بايدن تخلت عن حذرها السياسي في الشرق الأوسط نتيجة انها تتمسك بروح المغامرة للحصول على نسب أعلى في بورصة الاستطلاعات الرئاسية. وداخل هذا التوجه لبايدن يربح نتنياهو ويقوم بالاستثمار ويحاول أن يجد لنفسه مخرجاً استراتيجياً في غزة وفي المنطقة، وذلك من داخل الفراغات السياسية الناتجة عن إعطاء قادة أميركا أولوية لمصالحهم الانتخابية.

ببساطة نتنياهو كان يخوض لوحده طوال الفترة السابقة حرب وجوده؛ سواء في غزة أو مع محور طهران.. ولكنه الآن وجد فرصة كي يستثمر في حقيقة ان بايدن وحزبه وترامب وظاهرته الجمهورية، دخلوا مع لحظة الانتخابات الحالية لحظة حرب وجود لبقائهم لأربع سنوات مقبلة..

لقد أخذ نتنياهو الولايات المتحدة الأميركية لحرب وجوده، ونجح في فعل ذلك كون القرار الأميركي في هذه اللحظة موجود في مزاج انتخابات وفي أجواء أنه لا صوت يعلو فوق صوت نتائج الانتخابات التي يوجد لنتنياهو ولإسرائيل وللايباك دور مهم في هندستها.

ليس معروفاً كيف لعب نتنياهو اللعبة داخل أميركا خلال زيارته الأخيرة إليها. ويقال ان نتنياهو قرر إشعال حريق في الشرق الأوسط كي ينجح في إفشال اجتماع روما وذلك عبر القول ان الخطر على أمن المنطقة موجود في حارة حريك وفي طهران وليس في غزة. 

ويقال ان نتنياهو عقد صفقة مع ترامب لتخريب حظوظ كامالا هارتس الانتخابية عبر أخذ إدارة بايدن العرجاء لحرب في الشرق الأوسط..

ويقال أيضاً ان إدارة بايدن قد تحتاج إلى حريق صغير في الشرق الأوسط تقوم باطفائه عبر بوارجها ومبادرات يقوم بها هوكشتاين بين لبنان وإسرائيل وسوليفان عبر أطراف ثالثة بين واشنطن وتل أبيب من ناحية وطهران وبزشيكيان من ناحية ثانية.

والواقع أن نتنياهو أراد من اغتيال محسن شكر الرجل العسكري الأول في حزب الله؛ وأراد من اغتيال اسماعيل هنية الرجل السياسي الأول في حماس، القول للمنطقة انه فقط الآن صار يمكنه الجلوس للتفاوض على الثمن الإقليمي الذي يجب أن يدفع له مقابل موافقته على وقف النار!!

.. غير أن طريقة تفكير نتنياهو على هذا النحو ستقوده إلى واحد من طريقين إثنين: إما نجاحه وهو أمر مشكوك فيه؛ وإما فشله وهو أمر مرجح؛ وحينها لن يفشل لوحده بل سيقود معه إلى محرقة الفشل أصدقاءه وخصومه على السواء..

Exit mobile version