خاص الهديل…
قهرمان مصطفى….
مع تصاعد الأحداث في الشرق الأوسط بعد السابع من أكتوبر وما تبعها من تطورات، يصبح من الواضح أن هذه التحولات ليست مجرد أحداث عابرة وأنه يمكننا غض النظر عنها؛ بل هي حلقات مترابطة ضمن سلسلة واسعة قد تؤثر بشكل كبير على توازن القوى الإقليمية والدولية. ورغم أن النتائج النهائية قد تكون محسومة لصالح أطراف معينة، فإن السياق السياسي المتقلب يمكن أن يفتح المجال لتحولات دراماتيكية تغير مجرى الأحداث.
في ضوء الأحداث الحالية في الشرق الأوسط، يتضح أن الفصل بين السياسة والاقتصاد ليس خياراً مجدياً؛ فالتداخل بين هذين المجالين يشكل صورة متكاملة، تماماً مثل قطع البازل التي نسعى على ترتيبها حتى تكون الصورة متكاملة وواضحة أمام الجميع؛ فالتوترات المتزايدة بين إسرائيل وإيران، خاصةً بعد اغتيال إسماعيل هنية، قد حولت الأنظار بعيداً عن الانتخابات الأمريكية، رغم التأثير المباشر الذي قد تتركه هذه الأحداث على نتائج الانتخابات.
على مر العصور، شكلت العلاقات الأمريكية الخارجية، وخصوصاً مع الشرق الأوسط، عاملاً حاسماً في الانتخابات الرئاسية الأمريكية؛ فبينما كانت الأوضاع الاقتصادية تلعب دوراً مهماً في تحديد نتائج الانتخابات، فإن الشؤون السياسية والعلاقات الدولية أصبحت اليوم أكثر تأثيراً بفضل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي التي تنقل الأحداث بسرعة وتؤثر في الرأي العام.
الأزمة الإنسانية في غزة، والتي تتسبب فيها السياسات الإسرائيلية، أثارت ردود فعل واسعة في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك داخل الولايات المتحدة. الجامعات الأمريكية، على سبيل المثال، شهدت احتجاجات طلابية ضد السياسات الأمريكية تجاه غزة، وهو ما يعيد إلى الأذهان تأثير الاحتجاجات على نتائج الانتخابات، كما حدث في عام 1968 مع احتجاجات حرب فيتنام، أو في عام 1979 عندما أثرت الأزمة الإيرانية على نتائج الانتخابات الأمريكية.
بشكل عام، يظهر تاريخ الانتخابات الأمريكية أهمية دعم الأصوات اليهودية والمناصرين لإسرائيل إلى جانب القضايا الاقتصادية؛ ويبدو أن أزمة الشرق الأوسط الحالية، بما في ذلك التصعيد بين إيران وإسرائيل، قد تمنح ميزة للمترشح الجمهوري دونالد ترامب، فالرأي العام الأمريكي كان مؤيداً بنسبة كبيرة لسياساته تجاه طهران، وما فرضته واشنطن من عقوبات عليها في عهده، يراها عدد من المحللين السياسيين الغربيين أنها نجحت إلى حد كبير في تقويض عدد من الممارسات الإيرانية في الإقليم عبر أذرعها في المنطقة؛ كحزب الله في لبنان والحوثي في اليمن، فهما الأذرع الأكثر تأثيراً في الشرق الأوسط، حيث التصعيد بينهما وإسرائيل بين الحين والآخر، إضافةً إلى التأثير بشكل مباشر على المصالح الاقتصادية لدول العالم، بسبب هذه المناوشات، التي تسببت بتهديد الحوثيين لأمن وسلامة الملاحة في البحر الأحمر.
من جهة أخرى، يسعى الحزب الديمقراطي إلى معالجة الأزمات الراهنة لاستعادة تأييد الناخبين، خاصةً بعد تراجع شعبية الرئيس بايدن، والذي قد يتيح المجال لمنافسته كامالا هاريس لتقديم استراتيجيات جديدة تهدف إلى تحسين الصورة العامة للحزب قبيل الانتخابات في نوفمبر.
خلاصة القول؛ فإن التحولات الجارية في الشرق الأوسط تساهم بشكل كبير في تشكيل المشهد السياسي الأمريكي، وتبين أن الأحداث الإقليمية يمكن أن يكون لها تأثيرات عميقة على السياسة الداخلية في الولايات المتحدة. وبينما يسعى كل طرف إلى استغلال الوضع لصالحه، فإن الانتخابات القادمة في نوفمبر ستشهد معركة حامية تؤثر فيها بشكل متزايد الظروف الدولية والمواقف السياسية الحالية.