خاص الهديل:
قهرمان مصطفى..
في عالم السياسة، لا تقتصر الدوافع على الأبعاد الاقتصادية أو الاستراتيجية فحسب، بل تمتد إلى أبعاد أكثر تعقيداً وأحياناً غير متوقعة. واحدة من تلك الأبعاد تكمن في التأثيرات الدينية التي تلعب دوراً كبيراً في تشكيل السياسات واتخاذ القرارات؛ وفي هذا السياق، يبرز رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، كمثال صارخ على كيفية تأثير الأيديولوجيات الدينية على سياسة دولة بأكملها.
يحيا رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو، تحت وطأة خرافة نبوءة غريبة لم يكن لها تأثيراً بسيطاً على مسيرته السياسية؛ فالنبوءة التي نقلها إليه حاخام يهودي يدعى مناخيم مندوشنيسزن، من أصول أوكرانية. حيث التقى نتنياهو بهذا الحاخام في الولايات المتحدة خلال فترة عمله كسفير لإسرائيل في الأمم المتحدة في ثمانينات القرن الماضي، وتحديداً عام 1984. وقد أخبره الحاخام بأنه يحمل مهمة دينية فريدة، وأنه هو الشخص الموعود الذي سيقوم بتسليم مفاتيح القدس إلى مسيح اليهود!!
مرت عشر سنوات، وتجدد اللقاء بين نتنياهو والحاخام في نيويورك، حيث كان نتنياهو آنذاك نائباً في الكنيست للمرة الأولى. وفي هذه المرة، أعاد الحاخام التأكيد على نبوءته، مبرزاً أنه سيكون آخر رئيس وزراء لإسرائيل قبل وصول مسيح اليهود. الحاخام اليهودي قدم له نصائح واضحة لتحقيق هذه النبوءة، مثل ضرورة أن تكون إسرائيل دولة دينية بوضوح أكبر، والتمسك بالنصوص الدينية القديمة، وعدم التنازل عن أي أراضٍ، حيث يرى أن هذا سيساهم في تسريع ظهور مسيح اليهود.
هذه الواقعة، التي قد تبدو غريبة أو بعيدة عن الواقع، تفتح نافذة على عقلية الشخص الذي يقود اسرائيل. فهي تشير إلى أن نتنياهو ليس مجرد رئيس وزراء عادي، بل هو شخص ذو عقلية مشبعة بأفكار دينية متطرفة، تؤمن بدور إلهي له في ترتيب ظهور مسيح اليهود. تتجاوز أفكاره حدود التطرف، لتصل إلى مستويات من الغرابة التي تؤثر بشكل عميق على كيفية إدارة الدولة وتناولها للقوانين الدولية وحقوق الشعوب الأخرى.
أخيراً وليس آخراً؛ فإن هذه النبوءة والحقيقة المرتبطة بها تعطي خلفية هامة لفهم العقلية التي تقود اسرائيل. فمن خلال تأثير الحاخام الذي توفي منذ سنوات، يبدو أن نتنياهو لا يزال يعيش تحت ظل هذه النبوءة، مما يجعل السياسة الإسرائيلية أكثر تعقيداً وتأثيراً مما قد يظهر على السطح.
ختاماً: فإن معرفة تفاصيل نبوءة الحاخام والتأثيرات التي تحملها على سياسة بنيامين نتنياهو تسلط الضوء على مدى تعقيد الأيديولوجيات الدينية في تشكيل السياسات. فعندما تكون الأفكار الدينية المتطرفة محورية في قرارات قادة الدول، فإن هذا قد يؤدي إلى تأثيرات بعيدة المدى على العلاقات الدولية والتعامل مع القضايا الإنسانية.