الهديل

خاص الهديل: الحرب في المنطقة تشبه سفينة من دون ربان تعوم في بحر هائج!!.

خاص الهديل…

بقلم: ناصر شرارة

كان ديفيد بن غوريون يقول إن غولدا مائير هي الرجل الوحيد في حكومتي؛ والآن يقول الرئيس الأميركي بايدن أن وزير الدفاع الإسرائيلي غالانت هو المسؤول الوحيد في حكومة إسرائيل.

طبعاً ليس هناك وجه شبه بين غولدا مائير وبين غالانت سوى أنهما يشتركان في أنهما جرت على أيام سلطتهما أهم هزيمتين منيتا بهما بإسرائيل: غولدا مائير كانت رئيسة حكومة خلال حرب أكتوبر ١٩٧٣ المجيد؛ فيما غالانت كان ولا يزال وزير دفاع إسرائيل خلال وقائع انهيار كيان العدو في ٧ أكتوبر ٢٠٢٣.. آنذاك تحملت مائير بعد انتهاء حرب أكتوبر مسؤولية تقصيرها؛ بينما غالانت كما نتنياهو يعلنان استمرارهما في تحمل مسؤولية مناصبهما رغم أنهما مدانان معنوياً على الأقل بالتقصير. 

من وجهة نظر إسرائيلية فإن أخطر ما يحدث وذلك الآن هو أن الرجلين المسؤولين بشكل أساسي عن التقصير يوم ٧ أكتوبر ٢٠٢٣ يتصدران مهمة اعتزامهما خوض حرب جديدة ضد لبنان!!..  

المنطق يقول إن غالانت ونتنياهو يجب أن يكونا الآن أمام لجنة تحقيق ومساءلة عن تقصيرهما في حرب طوفان الأقصى، وليس أن يكونا في موقع قيادة حرب جديدة. 

إن أبرز جنرال عسكري مسؤول عن هزيمة حرب طوفان الأقصى وأبرز مسؤول سياسي مسؤول عن دخول إسرائيل في متاهة طوفان الأقصى، هما عينهما (أي نتنياهو وغالانت) يريدان قيادة إسرائيل إلى حرب جديدة تتسم بأنها أكبر بما لا يقاس من حرب غزة المسؤولين عن الهزيمة فيها!!. 

أبعد من ذلك، فإن كلاً من نتنياهو وغالانت وهما ركنا الحرب الجديدة ضد لبنان والتي قد تصبح إقليمية؛ ليسا فقط موسومين بثقل هزيمة طوفان الأقصى، بل أيضاً ترافقهما فضيحة أنهما ينويان الذهاب معاً وجنباً إلى جنب إلى حرب جديدة في حين أن كل واحد منهما يخبئ وراء ظهره خنجراً مسموماً لطعن الآخر فيه، فور توفر فرصة سانحة. 

.. لم يعد خافياً أن نتنياهو ينتظر اللحظة المواتية كي يطرد غالانت من منصب وزير الدفاع؛ ولم يعد خافياً أن نتنياهو يريد استبدال قائد الجيش هرتسي هاليفي؛ وعليه فإن السؤال المحير هو كيف يمكن استيعاب أن نتنياهو وغالانت وهاليفي يريدون خوض حرب معقدة وكبيرة ضد حزب الله، في وقت أن رجال هيئة أركان هذه الحرب الأساسيين يعيشون لحظات تآمر على بعضهم البعض..

ولكن هذا المشهد الغريب طرأ عليه خلال الساعات الماضية تتمة تمثلت بإعلان البيت الأبيض لأول مرة أن نتنياهو موافق على مقترح بايدن الجديد ولكن الذين يعارضونه هما سموتريتش وبن غفير.

وهكذا فجأة يصبح نتنياهو الرجل الوحيد الإيجابي في حكومة أقصى اليمين من وجهة نظر بايدن الذي أضافه “بيبي” أسوأ أنواع المعاناة خلال الأشهر العشرة الأخيرة نتيجة رفضه كل مبادرات إبرام صفقة تبادل الأسرى. 

والواقع أن كل هذا المشهد الغريب ابتداءا من صورة الصراع بالخناجر والفؤوس في الإنتخابات الاميركية وصولاً إلى صورة الضياع اللاوقعي في علاقات تل أبيب مع واشنطن؛ يؤدي إلى استنتاج أساسي وهو أن حرب غزة المرشحة لأن تصبح حرباً في كل المنطقة، تشبه سفينة تعوم على صفحة بحر عاصف من دون أن يكون لها ربان يوجه سيرها نحو شاطئ أمان.

Exit mobile version