خاص الهديل…
بقلم: ناصر شرارة
يقول معلق سياسي في قناة ١٣ الإسرائيلية أن ما أرسلته أميركا من قوات عسكرية إلى المنطقة خلال الأيام الأخيرة للدفاع عن إسرائيل ضد الرد العسكري الإيراني وضد من يريد حلفاء إيران دعم ردها العسكري؛ يبلغ حجمه (أي هذه القوات الأميركية) نصف جيش كامل؟.. ويضاف لهذه القوات الأميركية قوات بريطانية وفرنسية وايطالية؛ وأيضاً حالة استنفار عسكري كامل في إسرائيل!!
السؤال الذي يطرح نفسه هو هل هذه القوات الغربية التي يبلغ حجمها “نصف جيش كامل” هي فقط للدفاع عن إسرائيل ضد رد إيراني عسكري تصفه طهران نفسها بأنه سيكون رداً قوياً ولكنه سيراعي أن لا تسفر نتائجه عن اندلاع حرب.. وحتى في واشنطن يتوقعون بأن طهران ستوجه ضد اسرائيل “رداً” وليس “ردعاً”..
وعليه – ومرة جديدة – ما هي المهمة الحقيقية وراء قرار أميركا إرسال نصف جيش كامل إلى الشرق الأوسط؟؟.
هل مهمة الدفاع عن إسرائيل ضد الرد الإيراني هي المهمة الحقيقية “لنصف جيش كامل” الموجود بقيادة أميركا اليوم في المنطقة؟؟، أم أن هناك مهمة أخرى أكبر وأهم لهذه القوات؟؟.. واذا كان الجواب بالايجاب – وهذا هو المتوقع – فما هي هذه المهمة؟؟.
رئيس معهد ينسكيف الاسرائيلي الذي كان سابقاً رئيس مجلس الأمن القومي السابق قال أمس نحن في إسرائيل كحلفاء لأميركا يجب أن لا نطلب من واشنطن أن تتحدث وتضغط على حزب الله وعلى الحوثي وإيران لوقف التصعيد ضدنا بل يجب أن نطلب منها الضغط على من وراء إيران؛ أي على الدب الروسي!!
بات هناك منذ أيام حملة إعلامية مركزة في إسرائيل تقول أن روسيا دخلت الحرب الباردة مع إيران ضد النفوذ الأميركي في الشرق الأوسط؛ وهذه الحملة تؤشر إلى العوامل الخطرة التالية:
أولاً- التنسيق الذي كان قائماً بين روسيا وإسرائيل في سورية تعرض لاهتزاز كبير نتيجة أن موسكو لم تقتنع بأن تل أبيب لا تدعم سراً الجيش الأوكراني.
ثانياً- بعد يوم ٦ آب الذي شهد دخول الجيش الأوكراني إلى داخل الأراضي الروسية تغيرت حسابات موسكو وصار لديها مصلحة بتوسيع رقعة الصراع مع أميركا لتصبح عالمية.. فذاكرة القياصرة الروس تركت في الكرملين أمثولة قديمة – جديدة مفادها ان الدفاع عن حدود روسيا يتم من خلال فتح معارك بعيدة عن روسيا.
ثالثاً- قبيل اللحظة الراهنة كان هناك مجموعة تفاهمات غير مكتوبة هدفها إبقاء حرب أوكرانيا محصورة في أوكرانيا وبقاء حرب غزة محصورة داخل غزة رغم جبهات الإسناد التي لا تتحول إلى حرب شاملة.. اليوم انهارت كل هذا التفاهمات نتيجة حدوث أمرين غير متوقعين الأول قرار نتنياهو بالخروج عن قواعد الاشتباك في الشرق الأوسط من خلال قيامه بضرب قلب إيران في طهران؛ والثاني قيام زلنسكي باختراق الحدود الروسية.
هذه التطورات الثلاث دفعت أزمات العالم الكبرى للتشابك؛ وجعلت القوى العظمى تتحرك للتموضع في مياه المتوسط الذي بات مرشحاً إما لأن يكون ميدان التسوية العالمية الكبرى أو ميدان الصدام العالمي الكبير.