الهديل

خاص الهديل: واشنطن بين معادلتي “وحدة الساحات” و”وحدة الجبهات”!!

خاص الهديل…

بقلم: ناصر شرارة 

زيارة الساعات القليلة التي قام بها آموس هوكشتاين مبعوث الرئيس الأميركي لشؤون الطاقة إلى لبنان، تختلف في مضمونها وبالشكل عن كل زياراته السابقة، رغم محاولاته الإيحاء بأنه يكمل في هذه الزيارة ما بدأه في سابقاتها..

وقبل عرض وجه الاختلاف، يجدر التوقف عند ملاحظة باتت لافتة بسبب تكررها؛ وهي أن هوكشتاين يبدأ جولته في كل مرة على لبنان وإسرائيل انطلاقاً من تل أبيب؛ ولم يحدث أن هوكشتاين ولو لمرة واحدة افتتح جولته بزيارة بيروت ومن ثم منها انتقل إلى تل أبيب. 

.. هذا الأمر له تفسير واحد؛ وهو أن هوكشتاين لديه في كل مرة مهمة أساسية وهي ليس نقل أفكار أميركا إلى كل من لبنان وإسرائيل؛ بل أن ينقل للبنان بلسان أميركي مطالب إسرائيل وموقف إسرائيل وحتى تهديداتها.

أما زيارته الراهنة فهي تأتي هذه المرة في إطار أوسع من موضوع تنفيذ القرار ١٧٠١ أو معالجة نقاط التحفظ ال١٣ على الخط الأزرق؛ فالمهمة هذه المرة هي جزء من المهمة الأميركية الكبرى والتاريخية والاستثنائية التي تقوم بها إدارة بايدن عبر مجموعة من المبعوثين عاليي المستوى الذين أرسلتهم إلى الشرق الأوسط وذلك من أجل تحقيق هدف لم يعد يحتمل التأخر؛ وهو قطع الطريق على تحول حرب غزة إلى حرب الشرق الأوسط الكبرى..

ويمكن فهم عمق معنى توقيت زيارات موفدي بايدن – ومنهم هوكشتاين – إلى المنطقة من خلال تسليط الضوء على التطورات التالية: 

أولاً: اتفاق التعاون النووي بين إيران وروسيا؛ وهو اتفاق يؤشر برمزيته إلى أن روسيا النووية ستشارك في حماية برنامج إيران النووي؛ وبالمقابل فإن الولايات المتحدة الأميركية سارعت لإرسال أحدث أسلحتها للمنطقة (اف ٢٢) لتقوم بحماية صورة الردع الإسرائيلية في المنطقة.

ثانياً- ما يمكن تسميته بحرب الردود بين محور إيران من جهة وإسرائيل والتحاق أميركا عسكرياً بها من جهة ثانية؛ تؤشر إلى بروز بدايات الحرب الباردة في الشرق الأوسط.. والمنطقة حالياً أمام خيارين: إما نجاح أميركا في احتواء الوضع الاستراتيجي الناشيء والخطر والذي يهدد بتحول حرب وحدة الساحات إلى حرب وحدة الجبهات؛ بمعنى أن الخطر من وجهة نظر واشنطن ما عاد ينحصر بتجمع أذرع إيران وساحات المقاومة التي تحيط بإسرائيل، بل بات يتمثل ببروز خطر وحدة الجبهات من خلال حصول تلاقي عسكري غير مباشر روسي – إيراني ما يجعل لحرب أوكرانيا في أوروبا تتمة لها في حرب غزة في الشرق الأوسط؛ والعكس صحيح.

Exit mobile version