الهديل

خاص الهديل: الغرب وخصومه: أزمات تتوالد على شكل توسع الحروب

خاص الهديل…

بقلم: ناصر شرارة

هناك طيف واسع من المراقبين في العالم يعتقدون بثقة ان مرحلة الإنتخابات الأميركية ستكون حبلى بمفاجأت صادمة.. فهذه الإنتخابات تجري بظروف استثنائية غير مسبوقة سواء داخل الولايات المتحدة الأميركية نفسها، أو داخل ملف تعثر إدارة أميركا لأزمات الشرق الأوسط المشرف على الانفجار أو لأزمات أوروبا الأوكرانية المشرفة على حرب عالمية ثالثة.

الأسابيع القليلة المتبقية حتى ٥ نوفمبر مفتوحة على مفاجآت معظمها – بل ربما كلها – ستجري من خارج صندوق الرغبة الدولية أو الإقليمية بتوجيه الأحداث.. وما يحصل حالياً هو ان الأحداث خرجت عن إطار الخطط التي تضبط توجهاتها عالمياً؛ فهي باتت أشبه بقطار خرج عن مسار سكته وهناك انتظار لسلسلة الارتطامات الخطرة التي ستواجهه.

.. المشكلة – بحسب الكثير من التحليلات – تعود إلى ضعف قدرات واشنطن على الاستمرار بإدارة العالم؛ وأيضاً بضعف خصوم واشنطن على بناء نموذج بديل عنها لقيادة العالم.. المفكر اللبناني أمين معلوف وصف ما يحدث على هذا الصعيد بعنوان لكتابه أسماه: “متاهة الضائعين: الغرب وخصومه”!!.

منذ القرن الخامس عشر حتى الآن برزت ثلاث قوى وقفت بوجه هيمنة الغرب: اليابان التي هزمت روسيا القيصرية الأوروبية آنذاك وانفتحت على العالم كقوة شرقية كبرى.. ثم الاتحاد السوفياتي الذي طرح نفسه نداً نووياً للولايات المتحدة الأميركية وبديلاً لها كنموذج حياة واقتصاد.. وحالياً تبرز الصين؛ وهي قوة تطمح لتصبح نداً اقتصادياً لأميركا ولكن ليس كنموذج بديلاً عنها.. وكل الفكرة اليوم هي أن خصوم الغرب لا يريدون إزاحة أميركا ونموذجها، بل يريدون إقناع أميركا بأن تترك مجالاً إلى جانبها لدول كبرى صاعدة: كالصين وروسيا والهند وإيران، الخ..

وسط هذا الحراك لأميركا وخصومها الضائعين في أزماتهم الداخلية وإدارتهم لأزمات العالم؛ يبرز السؤال الحقيقي عما إذا كانت إدارة بايدن تقود فعلياً في هذه اللحظة مبادرة حقيقة تجاه أزمة غزة؛ أم انها تشتري الزمن الضائع الخاص بها وبخصومها.

قد يحدث أن يرتطم قطار أحداث الشرق الأوسط الخارج عن مسار سكته بلغم غير محسوب وتتفجر المنطقة وحينها سيدخل الشرق الأوسط إلى حرب تشبه الحرب الأوكرانية.. غير أن توسع حرب غزة لتصبح حرب الشرق الأوسط كله؛ سيغري أيضاً على توسع حرب أوكرانيا لتصبح حرب أوروبا كلها؛ وليس خافياً أن توسع الحربين سيؤدي إلى جعل حروب الشرق الأوسط امتداداً استراتيجياً لحروب أوروبا. وهذا الواقع ليس له تسمية أخرى غير تسمية الحرب العالمية الثالثة..

إن الخطأ الاستراتيجي الذي قاد لفوضى العالم الذي نحن فيه الآن يعود لكون واشنطن قررت ومن جانب واحد ومن دون غطاء من مجلس الأمن على غزو العراق واحتلاله وممارسة قوة مفرطة كونية تجاهه. وحالياً إذا قررت أميركا بدفع من إسرائيل ومن إغراءات انتخابية غزو إيران من جانب واحد فإنها بذلك تبني على خطأ غزو العراق خطأ آخر يراكم الفوضى في العالم وتصبح المسكونة معرضة لتفلت القوة من عقال ضوابط القانون الدولي؛ ومثل هذا الوضع في حال حصوله، ليس له أيضاً تسمية أخرى غير الحرب العالمية الثالثة..

ما يحدث في الدوحة والقاهرة هو أمر أكبر من قضية حرب غزة رغم ضخامة حجم غزة داخل القضية الفلسطينية؛ بكلام آخر العالم لا يحتمل فشل جولات مفاوضات الدوحة – القاهرة؛ وفي حال حصل هذا الفشل فإن العالم ذاهب ليعلق بين أزمتين مرشحتين للتحول إلى حروب أوسع مما هي عليه اليوم؛ أي حربي أوكرانيا الأوروبية وحرب غزة الشرق أوسطية.

Exit mobile version