د. حمد الكواري: لبنان بين عتمتين
(يا ستَّ الدنيا، إن الدنيا بعدكِ ليستْ تكفينا ..
الآنَ عرفنا .. أنَّ جذوركِ ضاربةٌ فينا
الآنَ عرفنا .. ماذا اقترفتْ أيدينا)
نزار قباني عن بيروت
لبنان بلد ارتبطت به شخصيا وعشقته منذ أول مهمة دبلوماسية في حياتي قائما بالأعمال شابا يافعا، ففتحت عيني على المعرفة والفن والسياسة والحرية وكما أحب أن أقول (لبنان علمني فن الحياة) ووُلِدَت فيه الفلذة الأولى من فلذات كبدي.
وإذا كان هناك من بلد كانت تتوفر فيه كل وسائل الحياة الجميلة والحرية والتعددية فهو لبنان
فقد أنعم الله عليه بطبيعة خلابة، قل ندها في الجمال، وتعددية طائفية متفاهمة ومتعاونة في بناء وطن، وشعب حيوي وواع، فكان وطن متعدد الأطياف المتجانسة والمتحابة والمنعكسة ثراء ثقافيا وسياسيا وتعايشا.
فتآمر الفاسدون في الداخل مع الطامعين في الخارج إلى فشل هذه التجربة الرائعة التي كان المستفيد الأول من محنتها العدو الإسرائيلي.
كم هو قاس أن أسمع بأن هذا البلد يعيش في عتمة بانقطاع كامل للكهرباء، ولكن هذه العتمة كانت العتمة الأصغر والأخف إلى جانب العتمة الأكبر والأخطر وهي العتمة السياسية التي أوصلت هذا البلد أن يكون بلا رئيس وبلا حكومة، عتمة حولت لبنان الى دويلات طوائف.
والأدهى أنه يتعرض لعدوان مجرم يوميا وتدخلات أجنبية، تنخر في بنيته الإنسانية والتحتية مما عقد من أزماته ودمر كيانه الذي كان يوما ما نموذجا يحتذى.
يحدث هذا، ولا أفق في التغيير.
ويستمر ملوك طوائفه على عروشهم، يتبادلون الأتهامات – دون رئيس ودون حكومة – يقطفون ثمار الفساد غير معنيين بما يحدث،
ويبقى لبنان بين العتمة الصغرى عتمة الكهرباء
والعتمة الكبرى عتمة الفساد.
ولك الله يا لبنان
أحبك يا لبنان