الهديل

خاص الهديل: الإعلام.. و”معلومة” الحرب على لبنان؟!

خاص الهديل..

كتب بسام عفيفي

رئيس تحرير موقع الهديل الإلكتروني – عضو مجلس نقابة الصحافة اللبنانية

هناك تعريف مغاير “لمصطلح المعلومة”، مفاده “ان المعلومة هي حقيقة ولكنها غير صحيحة”(!!). هذا المصطلح لا ينفي أهمية المعلومة كدليل مادي لإثبات وجهة نظر أو تحليل سياسي؛ ولكنه يؤشر إلى أهمية أن يتم إخضاع أية معلومة لتحليل أو لإبداء رأي وازن بشأن ليس مدى صحتها بل مدى قابليتها لأن تتحقق على أرض الواقع.

بمقابل أية معلومة يحب أن يتم طرح سؤال بخصوصها: هل هذه المعلومة الحقيقية هي صحيحة؛ بمعنى هل هي قابلة لأن تصبح فعلاً مادياً على أرض الواقع أم أنها لن تخرج من كونها خطة أو اقتراح أو سيناريو أو فكرة موجودة في درج أصحاب القرار؟؟.

خلاصة القول هنا أن أخذ المعلومة على عواهنها هو استسلام مجاني لنوع من الإشاعة ولكلام منقول من فم إلى فم ومن أذن إلى أذن!!

مناسبة هذا التذكير بمصطلح أن المعلومة غالباً ما تكون بمثابة حقيقة غير صحيحة؛ يعود لـ اللغط الكثيف الذي حصل في الأيام الأخيرة حول “معلومة” أن الحرب على لبنان باتت قريبة وعلى مسافة ساعات أو أيام على أبعد حد.

القائلون بهذه المعلومة ارتكبوا أكثر من خطأ في آن واحد:

أولاً لأنهم اعتبروا أنه يمكن أن تحدث حرباً بمجرد أن شخصاً يفتح هاتفه ويبلغ لبناني إعلامي أو سياسي بأن إسرائيل ستشن حرباً على لبنان بغضون ساعات أو أيام.

هذا النوع من الأمور لا يمكن تسميته معلومة يعتد بها؛ أو بكلام آخر لا يمكن تسميته معلومة خطرة؛ بل هو “تسريبة” بأحسن أحواله تثير عدة احتمالات أولها أن يكون هناك جهة تريد إيصالها لجهة أخرى وثانيها أن يكون مصدرها توقع أو تحليل مبني على “مسموعية” ما، كما يقول اللبنانيون. أما المعلومة الخطرة فهي تكون عبارة عن ملف خاص جداً أو عن محضر اجتماع عالي المستوى أو عن مضمون اتصال بين مستويين عاليين؛ أما يخرج مسؤول أو اعلامي ويقول إن شخصية مهمة أخبرتني شخصياً من دون كل الآخرين، بأن الحرب ليس ممكن أن تقع؛ بل إنها واقعة لا محالة وفي هذا التوقيت تحديداً؛ فهذا النوع من الطريقة بالتعامل مع إعلام الناس هو أمر ينطوي على خفة وعلى إساءة لمفهوم المعلومة المتصفة بأنها خطرة.. للمرة الألف هناك فرق شاسع بين “التسريبة والمعلومة”؛ بين “المسموعة” (باللبناني) وبين “المعلومة الخطرة”!!

الخطأ الثاني الذي ارتكبه الذين خرجوا للإعلام ليبشروا بأن لديهم “معلومة خطرة عن قرب نشوب الحرب” تقع في أنهم لم يهتموا بالتأثير السلبي لهذا الكلام على الوضع الداخلي اللبناني.. 

في كل العالم يوجد هناك خلال الأزمات الكبرى مراعاة للجبهة الداخلية التي تتشكل من معنويات المواطنين التي يجب الحرص على إبقائها عند مستوى عال من الثقة بالنفس والأمل وعدم الخوف.

يبقى القول إنه ما يجب إدراكه بقوة أن الإعلام حينما يُستخدم على نحو غير صحيح، فإنه يترك نتائج سلبية على البلد أكثر من السلبيات التي تتركها على البلد حدوث حرب فعلية: الحرب تدمر من خلال استهدافها البلد انطلاقاً من الخارج؛ بينما الإعلام يدمر البلد من داخله!!

Exit mobile version