خاص الهديل…
كتب بسام عفيفي
على وجه السرعة نفذت الجزائر – ورئيسها الأبي الرئيس عبد المجيد تبون – وعدها الذي قطعته للبنان بشأن مساعدته لإنقاذه من شبح العتمة التي خيمت على بلد الأرز خلال الأسبوع الأخير.
.. وكما أنه لم يكن، ولن يكون غريباً على العراق أن يهب للوقوف إلى جانب شقيقه لبنان في زمنه الراهن الصعب؛ لم يكن أيضاً غريباً على الجزائر أن تهب لتقف إلى جانب لبنان في ظروفه الراهنة الصعبة.
بات ممكنا الآن تجاوز أزمة العتمة، حيث سيتم – وهذا مصدر فخر – إنارة منازل اللبنانيين ومعاملهم ومدارسهم ومشافيهم بالكهرباء العراقية والجزائرية الشقيقة.. ولكن هذا الأداء الأخوي الرائع الذي يقدره كل اللبنانيين؛ يجب أن لا يُنسي اللبنانيين بأن أزمة العتمة في لبنان هي صناعة محلية، وهي تعبير عن فساد داخلي مزمن ومستمر ولم يتم حتى اليوم إيجاد حل له..
.. ولكن الوقفة اليوم في هذه السطور مخصصة بكل محبة واحترام لكل من العراق والجزائر؛ وهما جارا لبنان البعيدين جغرافياً واللصيقين به من غير زاوية أخوية، ومن أكثر من منطلق راسخ وهو استراتيجي ويجب أن يكون دائماً استراتيجياً..
يحفظ اللبنانيون عن الجزائر ثورتها عن ظهر قلب؛ فالجزائر بكل معانيها، سواء الثورة أو البلد العربي الكبير أو الدولة الراسخة؛ هذه كلها رمزيات مستوحاة من الجزائر، تشكل جزءا من ذاكرة اللبنانيين عن معنى الكرامة ومعنى العروبة والتضحية من أجل الوطن..
الجزائر بالنسبة للبناني ليست عبارة عابرة ولا هي مجرد تدليل على بلد شقيق؛ بل هي بالأساس ذاكرة وأمثولة وتاريخ؛ وكل الفكرة هنا أن اللبناني يعتبر أنه من دون الجزائر، كانت قيم الحرية في التاريخ العربي المعاصر ستكون ناقصة؛ تماماً كما أن الأوروبي يعتبر أنه من دون فرنسا وثورتها فإن قيم الحرية والإخاء والمساواة في أوروبا كانت ستكون ناقصة..
هناك دول تكمل معنى الإقليم والأمة التي تنتمي إليها؛ والجزائر هي واحدة من هذه الدول..
إن التجارب هي دليل البلدان والشعوب إلى مستقبلها.. وتجارب لبنان مع محنته الراهنة يجب أن تعلمه درساً ليس عليه أن ينساه؛ ومضمون هذا الدرس هو أن لدى لبنان أشقاء قريبين منه رغم انهم جغرافياً ليسوا لصيقين به؛ وأبرز هؤلاء الأشقاء هم العراق والجزائر.
المطلوب أن يتجه لبنان نحو تفكير عميق قوامه العمل على جعل علاقاته مع العراق والجزائر استراتيجية؛ ليخلق معهما شراكة استراتيجية اقتصادية وخدماتية.
تاريخياً كانت العلاقة اللبنانية مع العراق شفافة وأخوية؛ وتاريخياً كانت العلاقة مع الجزائر شفافة ووجدانية؛ ولكن اليوم وخلال رئاستي محمد السوداني في العراق وعبد المجيد تبون في الجزائر؛ فإن العلاقة مع العراق والجزائر يجب أن يكون لها صدارة في اهتمام تخطيط لبنان لعلاقاته العربية..
يقال إن الأزمات تحتوي على معاناة، ولكنها أيضاً تشتمل على فرص.. ولبنان وجد فرصة داخل معاناته؛ وهي أهمية كل من العراق والجزائر له.. وبات كل المطلوب اليوم هو أن يتم على البناء على الأساس القائم على المحبة الأخوية الصادقة بين لبنان والعراق والجزائر، علاقات استراتيجية اقتصادية وسباسية وسياحية وخدماتية، الخ…
فهل نحن فاعلون، أم أن التحاصص المذموم والفساد سيظل لهما الكلمة الأولى ليس فقط بخصوص ثروات البلد الداخلية؛ بل أيضاً بخصوص التعاطي مع ثروات وصداقات البلد الخارجية؟!.