خاص الهديل…
بقلم: ناصر شرارة
انتهى رد حزب الله على اغتيال إسرائيل للحاج فؤاد شكر بإستمرار الحرب بين سرديتي الطرفين حول حقيقة ما حصل فجر يوم الأحد (٢٥ آب ٢٠٢٤).
تل أبيب تقول إنها اكتشفت هجوم الحزب قبل حصوله ودمرت آلاف الصواريخ قبل حلول ساعة الصفر وانطلاقها نحو أهدافها داخل فلسطين المحتلة..
وكل هذه الاعتبارات التي زعمت بها السردية الإسرائيلية لتوصيف ما جرى فجر ٢٥ آب جعلت نتنياهو يخرج على الإعلام ويقول إنه انتصر في معركة رد الحزب على اغتيال شكر.
من جهتها قالت سردية الحزب إن المقاومة الإسلامية قصفت بـ٣٤٠ صاروخاً فلسطين المحتلة ما أدى لتضليل القبة الحديدية، وفسح المجال أمام انقضاض المسيرات على مواقع هامة إسرائيلية أبرزها قاعدة قرب تل أبيب تعتبر مقراً للوحدة الاستخباراتية السيبرانية الإسرائيلية.
وأكدت سردية الحزب على أن إسرائيل لم تنجح في هجومها الذي سبق بربع ساعة هجوم الرد بتدمير منصات إطلاق الصواريخ أو المسيرات التابعة للحزب..
وعند عصر يوم أمس خرج أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله، وأعلن صحة سردية الحزب حول ما حصل، وأكد بالمقابل زيف سردية إسرائيل.
والواقع ان اهتمامهما بنقاش حرب السرديتين تظهر – بحسب خبراء عسكريين – أن كلاً من حزب الله وإسرائيل فضلا أن يسلطا الضوء بعد “عملية الرد” على موقف الطرفين مما حدث خلال هجوم الرد، وذلك بهدف عدم إثارة كلام من الطرفين عن مرحلة ما بعد الرد أي عن مرحلة الرد الإسرائيلي على رد الحزب.. وهذا عنى أن الطرفين حرصا على إظهار أنهما معنيان بإيقاف حدث فجر الأحد عند هذا الحد؛ أي عند حد عدم أخذ المواجهة إلى تصعيد أكبر.
ولقد بدا واضحاً أن نتنياهو انغمس بمهمة وأد التصعيد رداً على رد الحزب وذلك من خلال توجيه تعميم يلزم أعضاء حكومته بعدم التعليق على رد ٢٥ آب؛ وواضح أن الذين طلب منهم نتنياهو السكوت هم شخصيات متطرفة لديها مواقف معروفة لجهة أنها تدعوا لتصعيد المواجهة على الجبهة مع لبنان.
والفكرة التي تسود الآن بعد ما حدث فجر ٢٥ آب هي عن العبرة الأساسية التي يمكن استنتاجها على هذا الصعيد؛ وتحديداً عن ما إذا كانت عملية الرد ستفتح الباب أمام العودة لقواعد الاشتباك التي كانت سارية قبل اغتيال السيد شكر؛ أم أنها ستفتح الباب أمام مراجعة أبعد أثراً لقواعد الاشتياك بين طرفين أثبتا فجر ٢٥ آب أنهما لا يسعيان لحرب شاملة، ولكنهما بنفس الوقت لم يعد بإمكانهما التعايش مع حرب استنزاف متبادلة.
إن نقطة الاستنزاف المركزية التي تعاني منها تل أبيب جراء استمرار حرب إسناد غزة انطلاقاً من لبنان، تتمثل بتداعيات بقاء ٧٠ ألف مستوطن مهجرين خارج مستوطناتهم في شمال فلسطين المحتلة.. أما نقطة الاستنزاف المركزية التي يعاني منها الحزب فهي تتمثل بإستمرار النزف بين أعضائه القادة والميدانيين بواسطة الاغتيالات والقنص بالمسيرات.
إن استمرار الاستنزاف المتبادل يضع حرب إسناد غزة أمام أسئلة سياسية وليست عسكرية، تتركز على البحث عن إمكانية تبريد المواجهة لتصبح مواجهة ليس فقط تحت سقف عدم اندلاع الحرب الشاملة، بل تحت سقف تضييق قواعد الاشتباك لحد أكبر مما كان حتى ما قبل مرحلة اغتيال القيادي شكر.
ولكن الجميع يدرك أن هذا التوجه لتضييق قواعد الاشتباك لدرجة أكبر تؤدي لإيقاف الاغتيالات ضد نشطاء الحزب وتخفف حدة “منع الحياة” على الجانب الآخر من الحدود الفلسطينية المتحلة؛ لا تتوفر له أية فرص مادية، حيث أن طرفي المواجهة في حرب إسناد غزة (تل أبيب وحارة حريك) محكومان بالمراوحة داخل مربع عدم مغادرة الميدان قبل وقف النار في غزة؛ ومحكومان بالبقاء داخل ميدان محسوب التصعيد المحمي بفيتو أميركي مسلح ضد انزلاق المنطقة إلى حرب شاملة.