الهديل

د. حمد الكواري: ‏‎سليم الحص الرجل الذي لم يخضع لألاعيب السياسية

د. حمد الكواري: ‏‎سليم الحص الرجل الذي لم يخضع لألاعيب السياسية

 

الرجال المحنكون والذين لا يخضون لألاعيب وإغراءات السياسة قليلون، وحين يختفي رجل من أولئك الرجال يكون الفقدان عظيما.
وها قد رحل الرجل الكبير سليم الحص، الرجل الذي يمثل مع قلة قليلة من سياسيي ‎لبنان قامة استثنائية بأخلاقه، وبعلاقاته الاجتماعية وبقدراته الاقتصادية والسياسية والأهم بنزاهته وإخلاصه لبلده ولأمته، لقد بلغ من الدرجات السياسية أعلاها ولم تغيره السياسة، ولم يخضع لقواعدها، وكان يدرك مدى لؤمها ولكنّه اعتلى هذه القواعد وتصرف بما يجب عليه كرجل الدولة الكفء، النظيف، المخلص المتطابق الأقوال مع الأفعال، فكان بذلك يرسي طريقا جديدا للسياسيين ويفتح أملا من المصداقية بين الخطاب السياسي العربي والرأي العام،
عرفته عن قرب وفي فترة متقدمة حين كنت في بيروت وبعد مغادرتي لها، والتقيت به أكثر من مرة وبقيت على اتصال محدود، محدود جدا في السنوات الأخيرة، بحكم الظروف الصحية التي مر بها، وبحكم ابتعادي كسفير في أوروبا ثم في أمريكا لأكثر من 16 سنة.
ولكني ظللت أحمل له أجمل المشاعر وأجلّ التقدير، وأتذكر بالذات لقاءاتي معه شابا يافعا في منزل الأخ الوزير والصديق ‎عبدالرحيم مراد أطال الله عمره الذي كان منزله مجمع الشباب العربي في بيروت في السبعينات، وكان دوري دور المستمع والمستفيد من رجل الدولة ورجل الاقتصاد الذي قل مثيله.
كم يكبر الفقدان وسط ظلماء السياسة العربية، وكم حزنت ككل المحبين للبنان لفقد هذا الرجل الذي يمثل أيقونة في ممارساته وعلمه وإخلاصه.
رحل دولة الرئيس سليم الحص اسكنه الله الجنة، ولكنه سيبقى أحد رجال لبنان الكبار، وأحد رجال الدولة ‎العرب، الذين يمثلون نموذجا يحتذى.
رحمه الله وأسكنه فسيح جناته.
دكتور حمد الكواري
وزير دولة بدرجة نائب رئيس وزراء
رئيس مكتبة قطر الوطنية
Exit mobile version