خاص الهديل…
بقلم: ناصر شرارة
تنتظر إسرائيل اليوم التالي بعد انتهاء مرحلة بنيامين نتنياهو التي بات يطلق عليها المجتمع الحزبي الإسرائيلي مرحلة “البيبية السياسية” التي تعني تفرد نتنياهو بالحكم، والتي تعني أيضاً سعي نتنياهو لإضعاف السلطة القضائية و”تحرير” السلطة التنفيذية من أية مساءلة قضائية لها ورقابية عليها، وهي تعني أيضاً وأيضاً تحالف اليمين المتطرف السياسي مع “التيار اليميني الديني الكهاني المتطرف” وتسييدهما على السلطة والمجتمع والدولة في إسرائيل..
وبالجوهر فإن “البيبية السياسية” تعني ترميزاً لتحول نتنياهو وعائلته السياسية الفاسدة المؤلفة من نجله يئير المقيم في كاليفورنيا ولديه جواز سفر دبلوماسي لا يستحق حمله وفق القانون؛ وزوجته سارة التي تعقد في مطبخ منزلها جلسات الظل لجلسات مجلس الوزراء..
داخل إسرائيل يوجد نقاش حول نقطة اساسية وهي أيهما يجب أن يكون له الأولوية: إزاحة نتنياهو عن رئاسة الحكومة أم إرغامه على إبرام صفقة تبادل الأسرى ووقف النار في غزة واستطراداً في الشمال مع لبنان؟؟.
والربط بين هذين الأمرين (إزاحة البيبية السياسية والصفقة) ينبع من وجود قناعة بأنه مع وجود نتنياهو في الحكم فإن إسرائيل تتراجع استراتيجياً وتراكم تحدي وجودي عليها، كما قال صراحة قبل أسبوعين يتسحاق بريك الذي ترشحه أوساط إسرائيلية رزينة ليشغل منصب وزير الدفاع.
والواقع أن زعيم “حزب الديمقراطيون” (تحالف حزب العمل مع ميرتس) يائير غولان يعتبر انه يجب في هذه المرحلة إعطاء أولوية وطنية لإزاحة نتنياهو وذلك حتى على أولوية البحث في مقترح حل الدولتين.. ولكن السؤال الذي لا يوجد إجابة عنه حتى الآن هو كيف يمكن إزاحة نتنياهو؟؟.
الأحزاب المناهضة لتحالف اليمين السياسي والديني غير قادرة على تحصيل حاصل نيابي يقودها إلى إسقاط حكومة نتنياهو في الكنيست؛ فتحالف الاحزاب الدينية المتشكلة منها الحكومة محتمي بأغلبية ٦٤ نائباً ليس هناك مجال لجذب أي نائب منهم.. وهذا يعني أن حكومة نتنياهو باقية حتى موعد الإنتخابات العامة المقبلة بعد أكثر من عامين.. ولكن هناك من يطرح حلاً قد يؤدي إلى تبكير وقت خروج نتنياهو من السلطة؛ ومفاده أنه يتم عرض صفقة قضائية – سياسية مركبة على بيبي تتضمن أن يقبل نتنياهو بحل حكومته والذهاب إلى انتخابات مبكرة بمقابل تعهد له بأن لا تتم ملاحقته قضائياً بعد خروجه من الحكم!!.
هذا الاقتراح – الصفقة خرج من الكواليس وتم الإشارة إليه في الإعلام، غير أن نتنياهو أدار ظهره له؛ أولاً لأنه لا يثق بالجهات التي تعرض عليه الصفقة؛ وثانياً لأنه يرى أنه في هذه المرحلة هو الأقوى داخل إسرائيل، وهو الأقوى داخل معادلة العلاقة الأميركية الإسرائيلية؛ وثالثاً لأن نتنياهو يعتبر أن قبوله حالياً بوقف النار ضمن النتيجة الراهنة للحرب، سيفتح الطريق أمام تزخيم البحث الدولي عن البدء بمسار حل الدولتين الأمر الذي يرفضه نتنياهو بشدة.
خطة نتنياهو الآن هي شن حرب متزامنة على حماس في غزة وفي الضفة وعلى السلطة الوطنية الفلسطينية في رام الله و”المنطقة أ” في الضفة الغربية، وذلك في نفس الوقت وبالتوازي؛ وسوف يحرص نتنياهو بشدة على أن يقضي على السلطة الوطنية في رام الله وفي الضفة الغربية قبل قضائه على حماس في غزة.. وهدفه من ذلك قطع الطريق على المشروع الدولي الذي يطرح فكرة قيام السلطة الوطنية الفلسطينية بوراثة حماس في غزة، كما تطرح واشنطن وغالانت ودول عربية وعالمية كثيرة..
وبحسب حسابات نتنياهو فإن الخطر الآن يكمن في السلطة الوطنية كونها تملك ثلاث مزايا لا تملكها حماس: أ- المقبولية الدولية؛ ب- تعترف بإسرائيل وهذا يمنحها “صورة الاعتدال”؛ ج- دعم واشنطن والعرب والمجتمع الدولي وجزء من الليكود (غالانت) بأن تحل السلطة الوطنية الفلسطينية مكان حماس في غزة.. والواقع أن حصيلة كل هذه المزايا تعني أن تسليم نتنياهو بهذه المزايا الثلاث، ستضعه أمام ما يعتبره “كارثة التسليم” بالوحدة الجغرافية بين غزة والضفة من جهة، وحصر كل التمثيل الفلسطيني بطرف واحد مقبولاً دولياً من جهة ثانية؛ وإرغام إسرائيل على التفاوض مع هذا الطرف الفلسطيني الموحد والمعتدل والمقبول عربياً ودولياً، على حل الدولتين من جهة ثالثة!!.
خلاصة القول في هذا المجال ان حرب نتنياهو في الضفة الغربية هي حرب استباقية ضد إمكانية طرح حل الدولتين بعد أن تنتهي حرب غزة، أو بعد الوصول إلى ما صار يعرف اصطلاحاً “باليوم التالي في غزة”!!.