خاص الهديل….
كتب بسام عفيفي
يحق للرئيس نجيب ميقاتي أن يستغرب تحرك العسكريين المتقاعدين بالشكل وبالمضمون الذي حصل به أمس..
لقد تساءل ميقاتي – وكان محقاً بذلك – أين أخطأت الحكومة إذا عقدت جلسة مستجيبة بذلك لقضايا موجودة على جدول أعمالها تتعلق بأمور الناس والإدارات؟؟.. هل العسكريون المتقاعدون ضد نقاش تسيير شؤون الناس في مجلس الوزراء أم هم يريدون أن يبحث مجلس الوزراء قضيتهم؟؟!
كان يجب أمس أن يفصل العسكريون المتقاعدون بين هذين الأمرين بشكل واضح وحاسم؛ لأنه هناك فرق كبير وشاسع ومهم جداً بين أن يوحي حراك العسكريين المتقاعدين أمس أنهم يعملون لصالح شعار وأجندة سياسية موجودة في البلد عنوانها شل مجلس الوزراء وبين أن يؤكد حراكهم أن يقفون وراء مطالبهم فقط.
مطالب العسكريين المتقاعدين موجودة في صلب الموازنة المحضرة لنقاشها وإقرارها؛ وفي بداية جلسة أمس الوزارية لفت ميقاتي لذلك وقال أيضاً انه بانتظار إقرار الموازنة في مجلس النواب سيصار لتقديم مساعدات اجتماعية للمتقاعدين العسكريين ضمن حزمة مساعدات لموظفي القطاع العام كما حصل في مرة سابقة.
لم يكن أمس العسكريين المتقاعدين بحاجة لخطط تحرك في الشارع ورفع السقف ضد الحكومة فقط لكونها عقدت جلسة لحل قضايا المواطنين الكثيرة.. ومع ذلك حاول العسكريين المتقاعدين أمس افتعال مشكلة حياة وموت مع الحكومة وذلك على خلفية ظاهرها أن الحكومة انقلبت على مطالبهم – وهو أمر لم يحصل -، وباطنها يؤشر إلى أن هناك جهة أقنعت جهة ما داخل حراك العسكريين المدنيين كي تلتحق عملياً وتحت الطاولة بأجندة شل الحكومة الميقاتية.
وصف أمس الرئيس ميقاتي ما يحدث في الشارع بأنه “انقلاب”؛ والمصطلح بالتعبير العملي هو رمزي ولكنه بالتعبير السياسي حقيقي ومناسب مئة بالمئة.. وما يجب تعميم الوعي الوطني به للمرة الألف وللمرة الأخيرة أنه ممنوع على أية جهة مهما علا كعبها ومهما كانت مطالبها محقة أن تضع شروطاً هدفها شل الدولة عبر فرض التعطيل على السلطة التنفيذية فيها.. إن القول أنه ما كان يحب على الحكومة أن تجتمع لأن اجتماعها لم يناقش بطريقة ترضي هذه الجهة أو تلك أو لأن موعد اجتماعها يخالف رؤية هذه الجهة وتلك؛ هو عبثية سياسية ولا يخدم المطالب المحقة بل يخدم مؤامرة شل الدولة وإيقاف المؤسسات التي تعمل من حلاوة الروح.
الحكومة تعالج مطالب العسكريين المتقاعدين بإيجابية ولا يجب أن يكون هناك ربط بين مسار اجتماعاتها وبين مسار معالجتها لمطالب العسكريين المتقاعدين.
قديماً قيل ان المطلوب أكل العنب وليس قتل الناطور.. ولكن بدا أمس أن العسكريين المتقاعدين يريدون “قتل الناطور”!!