الهديل

خاص الهديل: رسالة صاروخ الحوثي لنتنياهو: فضاء الحرب الإقليمية غير محمي!!

خاص الهديل…

بقلم: ناصر شرارة

يمكن على نحو واسع تخيل بأن رئيس الحكومة نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت ورئيس هيئة الأركان هرتسي هاليفي وقادة الموساد والشاباك وأمان تحلقوا حول طاولة كبيرة تم عليها فرد خارطة كبيرة تظهر كيف وصل صاروخ الحوثي الباليستي من اليمن إلى ضواحي تل أبيب..

وداخل ذات هذا الإطار يمكن تخيل أيضاً أن نتنياهو قال لوزير الدفاع: أين القبة الحديدية؟؟. 

 .. غالانت أحال سؤال نتنياهو على هاليفي من خلال النظر إليه بعيون تتهم الجيش بالتقصير. هاليفي بدوره نظر إلى بريناع مسؤول الموساد متهماً إياه بأنه لم يحذر الجيش من صاروخ الحوثي بشكل مسبق؛ لكن بريناع رد بالقول لماذا لم تسقط منظمومات الدفاع الجوية الأميركية والغربية المنتشرة على كل المسار الذي اجتازه صاروخ الحوثي من اليمن إلى فلسطين المحتلة؟؟. 

الوقائع المتخيلة لهذه الجلسة المفترضة توحي بأن صاروخ الحوثي اجتاز قبل وصوله إلى سماء تل أبيب، دائرة فشل عسكرية واستخباراتية إسرائيلية مغلقة؛ واجتاز أيضاً فضاء أسئلة كبيرة موجهة لإدارة بايدن، لا تزال من دون إجابات واضحة عنها وهي: أين منظومات الدفاع الجوية الغربية الأميركية(؟؟)؛ واستدراكاً كيف يمكن لنتنياهو ومعه غالانت وهاليفي تفسير أنه في حين أن الأساطيل الأميركية تنسحب الجزء الأخطر منها من البحر الأحمر أو تم تخفيف وجودها الردعي فيه؛ فإن الحوثي يتحدى معادلة الردع الأميركي ويطلق باتجاه العمق الإسرائيلي صاروخ فرط الصوت(؟؟). 

عزز بايدن أساطيله الموجودة بالبحرين الأبيض والأحمر من خلال إرسال أسطولين جديدين، وذلك بعد قيام نتنياهو بضرب فؤاد شكر واسماعيل هنية والحوثي في عمق ضاحية بيروت وطهران وشاطئ الحديدة.  

ثم فجأة سحب بايدن التعزيزات العسكرية التي أرسلها بعد تطورات شكر وهنية والحديدة؛ ما أوحى بأن هدف واشنطن بعدم توسعة الحرب من قبل محور إيران قد تحقق؛ وبقي أن يمتنع نتنياهو عن توسعة الحرب بقرار منه، وسحب تعزيزات الأساطيل التي أرسلت بعد اعتداءات الضاحية وطهران والحديدة كان هدفها الإيحاء لنتنياهو بأن شرط حمايته من الحرب الإقليمية يتحقق فيما لو تم شن حرب شاملة على إسرائيل من قبل المحور الإيراني؛ ويسقط هذا الشرط فيما لو بادر نتنياهو بنفسه لبدء هذه الحرب. 

يوم أول أمس رفع نتنياهو صوته مهدداً بتوسعة الحرب – رغماً عن إدارة بايدن – وذلك انطلاقاً من إعلان الحرب على لبنان… ويوم أمس وصل من الجبهة الأبعد (صنعاء) صاروخ بالستي أحدث أضراراً في منطقة تقع جوار تل أبيب.

حمل هذا الصاروخ الحوثي، في الواقع ثلاث رسائل متناقضة ومتقاطعة: 

الأولى ان هذا الصاروخ تجاوز بنجاح منظومة التصدي الجوي الإقليمية الأميركية الغربية المنتشرة في المنطقة والتي تعتمد عليها إسرائيل كي تقوم بإسقاط الصواريخ الباليستية الموجهة ضدها خلال وهي في طريقها إلى أهدافها في إسرائيل، وليس التعامل معها بعد وصولها إلى سماء العمق الإسرائيلي!!.

.. وانطلاقاً من هذا المبدأ ثار سؤال إسرائيلي حول هل عدم تصدي منظومة الدفاع الجوية الإقليمية الغربية الأميركية للصاروخ الحوثي خلال عبوره الفضاء الإقليمي الطويل، هو نتيجة خطأ بشري أم تقني أم هو متعمد وهدفه إشعار نتنياهو بأن هناك كلفة للحرب الإقليمية قد لا تقوم أميركا بدفعها، فيما لو قرر نتنياهو من جانب واحد خوضها عن طريق توسعة حرب غزة باتجاه لبنان واستدراكاً إيران.

الرسالة الثانية التي حملها الصاروخ الحوثي هي من إيران لتل أبيب ومفادها توجيه تحذير ساخن لنتنياهو من الاستمرار بالعمل لنقل ميدان غزة إلى لبنان وإيران؛ وهذا السلوك تقرأه طهران من خلال تصعيد الكلام الإسرائيلي عن الحرب على حزب الله، ومن خلال استمرار نتنياهو بالتسلح بأدوات حرب كل تفاصيلها تحاكي تنفيذ قرار ضرب المفاعلات النووية الإيرانية (انظر مقالة في معاريف عن آخر صفقة تسلح إسرائيلية من واشنطن).

الرسالة الثالثة موجهة من الحوثي ذاته ومفادها أن ميدان جبهة اليمن تمتد من باب المندب حتى تل أبيب مروراً بكل موانئ إسرائيل البحرية. 

ربما وصلت رسالة صاروخ الحوثي المتعددة الاتجاهات إلى نتنياهو قبل إطلاقه من حانب أنصار الله، بدليل أن نتنياهو صرح أمس بأنه لم يقصد ليل أول أمس بكلامه أنه ذاهب اليوم للحرب ضد لبنان؛ وقال ما معناه إنه يطرح المهمة التي يستلزم تنفيذها عمليات تمهيد دبلوماسية وعسكرية لها تستغرق أسابيع أو ربما أشهر.

تصريح نتنياهو هذا يقول لبايدن إنه لا ينوي إحراج حملة الديموقراطيين الانتخابية بشن حرب إقليمية قبل يوم ٥ نوفمبر.. ويقول للإقليم إن حربه الإقليمية مؤجلة ولكن القرار بشأنها لا يزال موجوداً فوق طاولة الكابينت..

Exit mobile version