الهديل

كليب:لماذا اجتازت إسرائيل الخطوط الحمر ، وماذا سيفعل الحزب وحلفاؤه؟

كليب:لماذا اجتازت إسرائيل الخطوط الحمر ، وماذا سيفعل الحزب وحلفاؤه؟

 

 

 

‏عدوان إسرائيل الدموي على لبنان، بشكل كبير، وعلى سورية بنسبة أقلّ الليلة، يستدعي التفسيرات والاحتمالات التالية حتى وإن لم يُعلن العدوّ بعد مسؤوليته المباشرة عنه:

 

‏· أولاً تقنيًّا: أجهزة “البيجر” التي تمّ تفجيرُها، تفترض إمّا أنها قابلة للتفجير عن بُعد، أو أنّها مفخّخة سلفًا بنوع جديد من تكنولوجيا النانو ، وهو ما يتطلب توضيحًا أمنيًّا علميًّا، حول طريقة تفجيرها، ومصدر شرائها ( من دولة أو عبر طرف ثالث)، ومعرفة مَنْ هي الجهات التي كانت تعلم مُسبقًا برموزها السريّة في الداخل والخارج، وهل تمت مراقبة هذه الأجهزة قبل استخدامها ؟. ثم كيف تم اختراق هذه الأجهزة في أماكن مُحدّدة جغرافيًّا في لُبنان وسورية، بينما تم تجنيبٌ أماكن أخرى من المُفترض أن يكون فيها مثلُ هذه الأجهزة (مثلاً أطباء ومستشفيات ومنظمّات صحيّة وغيرهم). على الأرجح أنَّ الحزب سيُجري تحقيقًّا دقيقًا لمعرفة طريقة الاختراق.

 

‏· ثانيًّا عسكريًّا: من الواضح أنَّ تخطّي إسرائيل الخطوط الحمر بهذا الشكل الواسع من التفجيرات، يُعبّر عن رغبة أكيدة بجر الحزب إلى ردٍ اوسع في هذا الوقت الدقيق الذي يسبق الانتخابات الأميركية، والذي يتزامن مع تعثّر المفاوضات بشأن غزّة، وكذلك مع البلبلة الحاصلة في الداخل الإسرائيلي والتي كان آخرها ما يتعلق بإقالة وزير الدفاع يوآف غالانت.

‏هي رغبة إسرائيلية واضحة إذًا بالدفع نحو توسيع الحرب، ومحاولة إضعاف الحزب وضرب معنوياته والانتقال من معارك الاستنزاف إلى حرب المواجهة الأوسع، خصوصًا أن كلَّ التسريبات الإسرائيلية في اليومين الماضيّين كانت تُشير إلى تعزيز الاستعدادات عند الجبهة الشمالية.

 

‏ثالثًا سياسيًّا: من الواضح أن هذا العدوان الإسرائيلي يؤكد فشل مساعي التفاوض التي تُشارك بها واشنطن، فالموفد الأميركي آموس هوكستين كان قد أعرب بعد زيارته إلى إسرائيل في الساعات الماضية عن قلقٍ واضح من تدهور الأمور وقال: ” إنّ الأجواء ملبّدة والأمورُ تتجه إلى الجنون ”

‏هذا الأمر يُحرج تمامًا إدارة جو بايدن التي سارعت الى التنصّل مما حصل وحثّت على الحلول الدبلوماسيّة، مع الاستمرار طبعًا بالتعبير عن دعمها لحليفتها. وهنا ستكون إيران أمام واقع جديد ومُحرج بحيث أنّه لا يسمح بالاستمرار بضبط النفس، ذلك ان العدوان جاء فيما كانت المساعي الغربية مستمرة لثني طهران عن الردّ على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنيّة.

 

‏سيكون من الصعب على حزب الله ومن خلفه إيران، هضم العدوان، أو تأجيل الرد، ذلك أنَّ استهداف نحو 3 آلاف شخص ( وبينهم رُبما مسؤولون من الحزب) ، كسرٌ للخطوط الحمر، ويشكل أخطر اختراق للعمق اللُبناني ولبيئة حزب الله وقدراته. وهو اعتداء على كلّ لُبنان وفق تصريحات الكثير من القيادات اللُبنانية بمن فيها غير المحسوبة على الحزب.

‏الواضح ان هذا العدوان الدموي الذي يقارب ولو نسبيًّا مفهوم الابادة الجماعية المعتمد في غزة ، يفتح الاوضاع امام مخاطر اكبر ، وبات من الصعوبة بالتالي ضبط الامور في اطار الخطوط الحمر المعهودة، فقد اشتعل برميل البارود بأجهزة البيجر، وصار من المستحيل ضبطُ انفجارِ ما فيه، فإن لم تذهب الأمور الى حرب شاملة، فهي على الأقل ذاهبة نحو مواجهات أوسع جغرافيًّا وأقسى وأخطر عسكريًّا من كل ما حصل حتّى اليوم عند الجبهة . وقد كان لافتا ان لهجة حزب الله من البيان الأول الى الثاني تغيّرت من التشكيك الى الحسم في مسؤولية إسرائيل والتهديد برد تحتسبه أو لا تحتسبه كما قال.

‏من المفترض أن ينتقل الحزب إذًا من شعار مساندة غزّة، الى منطق عسكري جديد من المواجهة يفترض أن يكون موازيًّا على الأقل لما تعرّض له. لأن غير ذلك سيضعه في موقع ضعيف ويُسلّط ضده كل سهام خصومه.

 

‏يبدو أن لُبنان متّجه إلى مرحلة وسطى بين حرب المساندة وحرب تموز 2006.

Exit mobile version