خاص الهديل….
بقلم: ناصر شرارة
لم يعد يوجد سيناريو على الجبهة الشمالية إلا توسع الحرب لتصبح حرباً إقليمية شاملة؛ فنتنياهو لثلاثة أيام متتالية يقوم عن سابق قصد، بجر قدم حزب الله إلى داخل مربع الحرب الشاملة.
صار معروفاً ماذا سيفعل نتنياهو بعد ساعات أو غداً على أبعد تقدير: تنفيذ ضربة جديدة ضد حزب الله في عمق مناطقه؛ ويريد نتنياهو من الضربة التالية كما السابقة توجيه رسالتين إثنين: ١- نتنياهو هو سيد الشرق الأوسط؛ ٢- استفزاز حزب الله كي يتموضع في الطرف المواجه لإسرائيل في الحرب الشاملة التي ستصبح حرباً إقليمية.
لغاية ما بعد مجزرتي يومي الثلاثاء والأربعاء كان واضحاً أن السيد حسن نصر الله يصر على تجنب الدخول في حرب شاملة. والسبب لم يعد خافياً: لا يريد نصر الله إدخال لبنان الضعيف في متاهة حرب تدمر ما تبقى منه.. أيضاً لا إيران ولا الحزب يريدان أخذ المحور الإيراني إلى مواجهة شاملة مع أميركا في المنطقة يريدها ويعمل من أجلها نتنياهو.
ولكن السؤال الآن لم يعد ماذا تريد إيران بل ماذا يريد نتنياهو القوي في هذه اللحظة داخل إسرائيل بفعل نجاحه بتطويع المؤسسة العسكرية (غالانت وهاليفي) والقوي أيضاً داخل الولايات المتحدة الأميركية التي تعيش لحظة انتخابات يوجد للابياك دوراً كبيراً فيها.
ولكن رغم سلوك الذاهب بكل قوته إلى الحرب الذي يبديه نتنياهو، إلا أن هذا لا يلغي بروز سؤال كل لحظة عن نواياه الفعلية: هل نتنياهو يلعب على حافة الهاوية؛ أم أنه فعلياً يجد أن الحرب الشاملة تخدم مصالحه الاستراتيجية؟؟.
هناك أسئلة لا تزال محيرة؛ ومنها أنه إذا كان نتنياهو فعلياً يريد الحرب الشاملة فلماذا لم يوظف هجومي الثلاثاء والأربعاء على البيجرات واللاسلكي الخاصة بالحزب؛ ضمن تكتيكات تنفيذ مفاجأة بدء حرب شاملة؟؟؛ ولماذا يستمر نتنياهو بتنفيذ عمليات نوعية ضد الحزب ولكن ما يربط بينها هو أنها عملية ممارسة ضغوط عليه وليس شن حرب شاملة ضده.
أغلب الظن أن نتنياهو لا يزال حتى الآن لم يحصل على الضوء الأخضر الأميركي الكامل؛ والمقصود هنا ليس الضوء الأخضر لضرب حزب الله بل الضوء الأخضر لضرب إيران. فنتنياهو يعرف أن الحرب الشاملة على جبهة الشمال تبدأ بوصفها حرباً مع لبنان، ثم تمتد لتصبح حرباً إقليمية تشارك فيها طهران. والواقع أن نتنياهو يستطيع خوض حرب بمفرده ضد حزب الله، لكنه لا طاقة له على خوض حرب بمفرده ضد إيران..
لقد أجل وزير الدفاع الأميركي أوستن زيارته إلى إسرائيل؛ وأيضاً غادر هوكشتاين إسرائيل قبل أيام من دون التوصل لحل لأزمة الحرب على الحدود اللبنانية الإسرائيلية. وكل هذه التطورات تؤشر إلى أن أميركا تمنح نتنياهو فرصة وقت ليكمل ضغوطه العسكرية القوية على لبنان وحزب الله وعلى إيران.
أمس بدا لافتاً كلام خامنئي بأن وقت رد إيران على اغتيال اسماعيل هنية اقترب.. وهذا تصريح يقول لواشنطن إن نتنياهو فسر تجاوب إيران مع مسعى تأجيل ردها من أجل عدم تخريب الصفقة في القاهرة وغزة على أنه ضعف؛ ولذلك تنسحب إيران من هذا العرض وهي تتجه لتسريع ردها ضد إسرائيل عقاباً لها على اغتيال هنية في طهران.
الفكرة التي وصلت لكل من خامنئي ونصر الله أن استراتيجية احتواء جنون نتنياهو لتجنب حرب شاملة؛ تجعل الأخير يتمادى بالاعتداءات ضدهما؛ وأنه من الأفضل لهما البدء باتباع سياسة المواجهة العسكرية المتناسبة مع اعتداءاته.