الهديل

خاص الهديل: نتنياهو قريب من قرار توجيه القصف ضد الدولة اللبنانية.. ونصر الله قريب من قرار معادلة الضاحية-حيفا

خاص الهديل….

بقلم: ناصر شرارة 

لا يمكن توقع بدقة شكل النهاية ليس فقط لحرب غزة ولا لحرب إسناد غزة من لبنان واليمن والعراق؛ بل بالأساس لم يعد ممكناً توقع بدقة شكل نهاية هذه الجولة الصعبة من التصعيد العسكري والأمني التي بدأت مع عملية تفجيرات البيجر وصولاً لعملية اغتيال قادة من وحدة الرضوان وبمقدمهم ابراهيم عقيل وأحمد وهبي. 

الصورة يوم أمس بدت قطعة من ثلاثة سمات: ١- نشوة مشوبة بالحذر في إسرائيل؛ ٢- صمت في حزب الله مشوب بقناعة بأنه بات يجب تغيير المسار نحو تصعيد متناسب مع حجم ونوعية التصعيد الإسرائيلي، رغم أن ذلك قد يؤدي لحرب؛ ٣- تصعيد مستطير في الميدان، ولكن تحت سقف عدم الانزلاق الكامل لحرب باتت وشيكة الاندلاع. 

واضح أن الجولة الراهنة من التصعيد التي تأخذ المنطقة إلى حافة الحرب مردها أن كلاً من بنيامين نتنياهو والسيد حسن نصر الله يحاول من جهته تثبيت إستراتيجيته السياسية وجعل لها اليد الطولى في هذه الحرب: استراتيجية السيد نصر الله تقوم على وضع الهدف السياسي العام كأساس لإحصاء الخسائر الاستراتيجية بين صفوف الحزب؛ وهذا الهدف السياسي العام هو عدم وقف النار على الحدود اللبنانية مع إسرائيل إلا بعد وقف النار الإسرائيلية على غزة؛ من جهته نتنياهو وضع خطتين إثنتين لكسر هدف نصر الله السياسي العام؛ الأولى توجيه ضغوط عسكرية قوية وغير مسبوقة ضد الحزب لجعله يجبر على وقف النار على الجبهة الشمالية بمعزل عن استمرار الحرب على جبهة غزة. وحالياً يتموضع الصراع العسكري والاستراتيجي داخل هذه الحيثية؛ وإذا ثبت لنتنياهو – وهذا أمر سيحصل أغلب الظن – بأن ما ربحه أمنياً لن يستطيع تسييله سياسياً؛ بمعنى آخر إذا ثبت له أن كل نجاحاته باغتيال قادة وحدة الرضوان وفؤاد شكر وجرح وقتل نحو ٣ آلاف عنصر من الحزب في ثلاث ثوان، لن تستطيع إرغام الحزب على التخلي عن هدفه السياسي العام (فك الارتباط مع ميدان غزة)؛ فحينها سيجد نفسه مجبراً للاستمرار بالهروب إلى الأمام باتجاه واحد من إجرائين خطرين: إما تطوير التصعيد المتفلت من عقال الخطوط الحمر ليتحول إلى حرب شاملة يقال في إسرائيل إن نسبة ٧٠ بالمئة من الإسرائيليين تريدها؛ وإما توجيه تصعيده المتفلت من عقال الخطوط الحمر نحو الدولة اللبنانية والدولة السورية بدل بقائه مسلطاً على الحزب الذي لا ينفع معه الضغط العسكري. هناك نظريات حرب في إسرائيل تتحدث عن استهداف ليس فقط بيئة الحزب الاجتماعية بل أيضاً البيئة الاستراتيجية للحزب وهي تبدأ بالبيئة التي تحمل بنيته العسكرية والسياسية وهي مؤلفة من الدولتين السورية واللبنانية؛ والبيئة الاستراتيجية التي تؤمن له الدعم الكامل وهي إيران.  

السؤال ليس هل سيذهب نتنياهو لاعتماد واحد من هذين الخيارين أم كلاهما في المدى المنظور؛ بل متى سيبدأ بتنفيذهما؟؟. أي متى سيعلن نتنياهو أن الضغط العسكري الأقصى الذي بدأ بممارسته منذ منتصف الشهر الحالي، لم ينفع مع حزب الله، ولم يحقق هدفي حربه في الشمال، وهما إعادة مستوطني الشمال؛ وفك ارتباط حرب الشمال عن حرب الجنوب(؟؟)؛ وعليه سينتقل للبدء بحرب الضغط العسكري الأقصى على بيئة الحزب السياسية (الدولتان السورية واللبنانية) لإجبارها على أخذ خيارات عملية متناقضة مع خيارات الحزب.. 

د

وفي حال لم تنجح الخطة جيم الأخيرة أيضاً (الضغط على البيئة السياسية للحزب) فحينها سيكمل نتنياهو خطة عربات النار؛ وهي خطة شن الحرب الشاملة على لبنان وإيران، وكانت وضعت عام ٢٠١٧ وتم التمرين عليها في قبرص مرتين على التوالي عامي ٢٠١٩ و٢٠٢١. 

ويمقابل خطط نتنياهو الكثيرة والتي أخرجها جميعها من أدراجه في هذه اللحظة يبقى السؤال عن خطة حزب الله؟.

.. حتى لحظة ما قبل اغتيال ابراهيم عقيل ورفاق له في وحدة الرضوان، كانت خطة الحزب هي الاستمرار بحرب إسناد غزة كعنوان سياسي والاستمرار بخوض حرب استنزاف طويلة ضد إسرائيل؛ ولكن بعد تمادي نتنياهو في خرق الخطوط الحمر، يبدو أن الحزب سيتجه بطريقين: الأول تأكيده على عدم تراجعه عن أهداف حرب إسناد غزة وهي لا وقف للحرب في الشمال قبل وقف حرب غزة ولا عودة لمستوطني الشمال قبل وقف حرب غزة. أما الطريق الثاني الذي سيسلكه الحزب هو إعادة معالجة ما أصاب معادلة ردع إسرائيل عن قصف الضاحية من خلل كبير. والسؤال هنا كيف سيفعل الحزب ذلك: هل سيقصف حيفا أو تل أبيب(؟؟)؛ هل سيقوم بتنفيذ عملية أمنية كبيرة لا يتم توقعها(؟؟). 

الأيام القادمة يجب أن تجيب عن ما يفكر به نتنياهو من خيارات تعوضه عدم نجاح اعتداءاته العسكرية الأخيرة من فرض انصياع الحزب لأهداف الحرب الإسرائيلية في الشمال… وتجيب عن كيف سيصحح حزب الله الخلل الذي أصاب معادلة حماية الضاحية من القصف الإسرائيلي؟؟.

Exit mobile version