الهديل

خاص الهديل: حرب عض أصابع خلال مرحلة الانتخابات الأميركية: سباق استراتيجي بين “سلحفاة التبريد” و”أرنب التصعيد”!!

خاص الهديل…

بقلم: ناصر شرارة

هل وصلت مواجهة التصعيد المستطير المستمر منذ يوم اغتيال السيد فؤاد شكر بين إسرائيل وحزب الله إلى أقصى مدى لها مع قصف الحزب أمس منشآت طالت حيفا وعمق الشمال الفلسطيني المحتل(؟؟)، أم أنه لا يزال للتصعيد بقية من المفاجآت العسكرية والأمنية خلال الفترة المنظورة(؟؟).

 

.. على نحو ليس جازماً كلياً، ولكنه واضح لحد غير قليل، صار يمكن رسم المعادلة التالية التي تتحكم بخلفيات التصعيد الجاري حالياً على الجبهة الشمالية بين لبنان وإسرائيل؛ وهذه المعادلة تقوم على الحسابات الاستراتيجية التي تتحكم بأطراف حرب الجبهة الشمالية المباشرين وغير المباشرين:

 

أولاً- الحسابات الأساسية تتصل بتفكير إيران وتوجهاتها في هذه المرحلة؛ فطهران – حسبما تتقاطع عليه معلومات متعددة المصادر – توصلت مع إدارة بايدن إلى تفاهم غير مباشر، وهو تجميد التواصل التفاوضي بينهما في هذه المرحلة، بانتظار أن يتم تجدده بعد انتهاء الانتخابات الرئاسية الأميركية..

وهذا التفاهم – إن صحت المعلومات الكثيرة بشأنه – أدى في هذه المرحلة إلى نوع من “الهدنة السياسية” بين إدارة بايدن وحملة انتخابات الحزب الديموقراطي الرئاسية من جهة، وبين الجمهورية الإسلامية في طهران من جهة ثانية. وهذه “الهدنة” – إن جاز التوصيف – هي التي تفسر لماذا إيران ومعها حزب الله متمسكان باستراتيجية حرمان نتنياهو من توسعة الحرب لتصبح إقليمية.

.. من منظار طهران فإن نتنياهو يريد قطع الطريق على عودة التفاوض الإيراني الأميركي بعد انتهاء الإنتخابات الرئاسية الأميركية، وذلك عبر أمرين إثنين؛ الأول توريط أميركا في فترة ما قبل الإنتخابات الرئاسية باشتباك عسكري مباشر يتسبب به تحول مواجهات الجبهة الشمالية إلى حرب إقليمية؛ والأمر الثاني تخريب فرص بقاء الديمقراطي في البيت الأبيض؛ وأفضل طريقة لذلك هي توريط إدارة بايدن بحرب في الشرق الأوسط وهي في لحظة انتخابات.

وكل هذه المعطيات جعلت قرار إيران ومعها الحزب، هو عدم مسايرة هدف التصعيد الحالي لنتنياهو وهو أخذ المنطقة لحرب إقليمية تحقق هدفه الأكبر وهو جر واشنطن في إطارها لصدام مباشر مع طهران..

 

ثانياً- الحسابات الأساسية لإسرائيل؛ حيث تبرز بالبداية رغبة نتنياهو بقطع الطريق على وصول هاريس للبيت الأبيض للأسباب المذكورة أعلاه؛ ومن ثم رغبة نتنياهو بنقل حالة “الهدنة الانتخابية” القائمة حالياً بين طهران والحزب الديموقراطي الأميركي الحاكم إلى حالة مواجهة عسكرية. والواقع أنه بمقابل تصعيد نتنياهو في الشمال مع لبنان الذي له هدف أبعد من حزب الله، وهو ضرب منشآت إيران النووية والعسكرية، وقطاعات الطاقة لديها؛ فإن إيران اختارت أن تواجه هذا التصعيد الإسرائيلي المتجهة غاياته لفتح حرب إيرانية أميركية، ليس بصواريخ الحرس الثوري بل باعتدال الرئيس الإيراني الإصلاحي بزشيكيان الذي تقصد مؤخراً عبر آخر حديث له إيصال فكرة تفيد بأن العداء الأميركي الإيراني ليس قدراً، وأن الصداقة بين الدولتين ممكنة إذا خلصت نواياهما تجاه بعضهما البعض.. كلام بزشيكيان جاء في إطار قطع الطريق على أهداف خطط تصعيد نتنياهو لتخريب رؤى التقارب المطروحة على طاولة التواصل الأميركي الإيراني بعد الإنتخابات في حال وصلت هاريس، كما هو متوقع، إلى البيت الأبيض.

والواقع أنه لا يمكن تصور أن حزب الله موجود خارج هذه الحسابات الإيرانية التي تنتظر بشيء كبير من ضبط الأعصاب تجاه نتنياهو، تمرير وقت إجراء الإنتخابات الرئاسية الأميركية.

 

وبخلاصة هذين المصدرين الإيراني والإسرائيلي تصبح المحصلة هي التالية: إيران تريد تبريد الحرب على جبهة لبنان مع إسرائيل حتى انتهاء الإنتخابات الأميركية، بمقابل أن نتنياهو يريد تصعيد الحرب مع حزب الله ومع إيران خلال فترة الإنتخابات الأميركية.

 

ثالثاً- حسابات حزب الله تقوم على عدة اعتبارات استراتيجية: ١- حارة حريك بالتوجه الاستراتيجي العام هي جزء من حراك إيران في المنطقة؛ وعليه فهي ملتزمة بتحمل فظاعة نتنياهو في هذه المرحلة حتى تمرير فترة الإنتخابات الأميركية؛ ٢- حزب الله قرر أن يركز في هذه المرحلة الانتظارية لنتائج الإنتخابات الأميركية على إعلان أن معيار الربح والخسارة لديه ليس ما يقوم به أو ما تقوم به إسرائيل من ضربات أمنية وعسكرية؛ بل معيار الربح والخسارة هو مدى قدرته على التمسك بالهدف السياسي لحرب ٨ أكتوبر ٢٠٢٣ وهو عدم وقف النار في شمال فلسطين إلا بعد قبول إسرائيل بوقف الحرب على غزة؛ وأيضاً عدم التخلي عن ورقة ضغط تهجير مستوطني الشمال إلا بعد عودة الهدوء لأهالي غزة. 

 

.. بالنسبة لحزب الله فهو يتموضع حالياً ضمن مرحلة جديدة كما أعلن عنها مسؤولوه مؤخراً؛ وهذه المرحلة يصح تسميتها بأنها مرحلة تمرير وقت انتخابات الرئاسة الأميركية من دون السماح لنتنياهو بأن يفرض خلالها استراتيجيته الهادفة لإحلال الصدام بين العم سام وطهران، مكان استراتيجية طهران المنتظرة لمرحلة التقارب المحتمل مع واشنطن في فترة ما بعد الإنتخابات الأميركية.

Exit mobile version