الهديل

فرملة التصعيد: رؤية الرئيس برّي في ظل التحديات الراهنة

فرملة التصعيد: رؤية الرئيس برّي في ظل التحديات الراهنة

 

كتب: بسكال طربيه

 

تشهد الساحة اللبنانية تفاعلات معقدة تتعلق بالظروف الإقليمية والدولية، وهو واقع يدركه جميع الفاعلين. لذا، فإن التحركات السياسية في لبنان تتأثر بشكل كبير بالتوازنات الناتجة عن المفاوضات الإقليمية والدولية، خاصةً تلك التي يكون فيها الأمريكي طرفاً فيها. في مواجهة التحديات الحالية، يعتمد العديد من الفاعلين على التعاون مع الرئيس برّي، الذي يتمتع بخبرة كبيرة في قضايا المقاومة والمصالح المرتبطة بها؛ ويبدو أن الرئيس برّي يتعامل مع هذه التحديات بمرونة وثقة، ولربما مطمئن لقدراته على اخراج حلول قد تؤدي إلى إنهاء الأزمة أو بأقل تقدير فرملة التصعيد و لو مؤقتاً.

 

 

يدرك رئيس المجلس النيابي أهمية الوصول إلى اتفاق دولي، ويعلم أن ذلك يتطلب تشكيل السلطة اللبنانية من خلال انتخابات رئاسية من ثم تشكيل حكومة قادرة على إبرام اتفاق هدنة مؤقتة أو مستدامة. هو يدرك أيضاً أن حكومة الرئيس ميقاتي لا تحظى لا بدعم عربي و لا دولي و هي غير مؤهلة للإلتزام بأي اتفاق أولاً لأنها مستقيلة، و ثانياً لارتباطها العضوي مع الحزب وهذا هو المانع الكبير، كما أن مصداقيتها شبه معدومة تجاه القوى التي سترعى الاتفاق.

إذاً، يدرك الرئيس برّي ان تصلّب الحزب تجاه المرشح الرئاسي أصبح بحاجة إلى تدوير زوايا، فالواقع الرئاسي جد معقّد. فمن جهة، فوضه الحزب الذهاب برئيس لا يطعنه في الظهر، و من جهة اخرى يواجه تصلّب مسيحي (و إن استثنينا منه التيار الوطني الحرّ، عاقد الصفقات). امام هذا الواقع، سيضطر الرئيس برّي إلى اللجوء إلى بكركي لا محالة، فالصرح البطريركي مؤهل و لديه إمكانيات تفاوضية و نفوذ كبير مع الاحزاب المسيحية بالاخص القوات اللبنانية و الكتائب اللبنانية، فكلا الحزبين متشدد ازاء اسم مرشح الرئاسة سيّما انهما ملتزمان بشدة تجاه قواعدهما الشعبية و عليه، فهما لن يوافقا تحت اي ذريعة او ضغط للذهاب بمرشح مما كان يسمى ٨ اذار. قد يكون لغبطة البطريرك ادواة فعّالة فتتقاطع رؤيته مع رؤية الرئيس برّي فيقنع كل طرف فرقائه بحلٍ متوازن للخروج بتسوية رئاسية.

ختاماً، لا يحسد الرئيس برّي على موقعه، في خضم الفوضى في البلاد و هول الأحداث، لكن الكثيرين يعوّلون على فطنته، وسعة تدبّره في إدارة هكذا مراحل دقيقة و تاريخه يشهد عليه. يبقى أن نتمنى أن يعبر البلد هذه المحنة بأقل خسائر ممكنة علّنا نصل يوماً إلى توافق نهائي يعطي البلد مناعة مستدامة أمام أهوال الإقليم و أحداثه.

 

*المقالات والآراء التي تنشر تعبّر عن رأي كاتبها*

Exit mobile version