الهديل

خاص الهديل: خامنئي من طهران وعرقجي من بيروت: رسائل إيران الثلاث.. 

خاص الهديل…

بقلم: ناصر شرارة 

زيارة وزير الخارجية الإيراني عباس عرقجي إلى لبنان وجهت ثلاثة أنواع من الرسائل يمكن تصنيفها على الشكل التالي:

النوع الأول تضمن رسائل كان هناك حاجة إيرانية لإيضاح فحواها.

النوع الثاني تضمن رسائل كان هناك حاجة لاستيضاحها من قبل لبنان. 

 

نوع ثالث من الرسائل له صلة بواقع الاشتباك الناشب حالياً بين إيران من ناحية وإسرائيل وأميركا من ناحية ثانية.

 

النوع الأول من الرسائل التي تحتاج إيران لإيضاحه، يتعلق بالتشويش الذي طرأ على صورة دعمها لحزب الله، والذي بلغ أوجه بعد اغتيال أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله؛ وأيضاً خلال ما سبق هذا التطور من ضربات مؤلمة نجحت إسرائيل بتسديدها ضد الحزب.

 

جاء عرقجي إلى لبنان في التوقيت الأفضل نسبياً لطهران؛ أولاً لأنه وصل لبيروت على خلفية مشهد الرد الإيراني على اغتيال إسماعيل هنية. وربما كانت زيارة عرقجي ستجد نوعاً من الحرج المعنوي فيما لو جرت قبل الرد الصاروخي الإيراني على إسرائيل.

 

وضمن مستوى آخر تزامنت زيارة عرقجي للبنان مع نفس ساعات إلقاء مرشد الجمهورية الإيرانية خطاب يوم جمعة الصلاة على روح السيد حسن نصر الله بحضور حشد غفير من المواطنين الإيرانيين. 

 

لقد أعطى مشهد كل من طائرة عرقجي وهي تحط في مطار بيروت رغم القصف الإسرائيلي على الضاحية الجنوبية الملاصقة للمطار؛ ومشهد خطاب السيد خامنئي في طهران بمناسبة تأبين السيد نصر الله؛ انطباعاً أرادت طهران تعميمه، ومفاده أن إيران بسياستيها الداخلية والخارجية وبكل أجنحتها الإصلاحية والمحافظة تحيي يوم التضامن والدعم الكامل، ليس فقط مع لبنان؛ بل أساساً مع حزب الله.. وبهذا الوجهة، أرادت إيران أمس أن تضع نقطة على آخر سطر الأسئلة التي تضمنت في الآونة الأخيرة الكثير من الشكوك حول مدى صلابة التزام إيران بدعم حزب الله. 

 

النوع الثاني من الرسائل التي حملتها زيارة عرقجي تمثلت بإيضاح أمر يوجد سؤال حوله داخل لبنان وأيضاً من قبل الدول التي تريد معرفة موقف حزب الله من شروط وقف النار على الجبهة الشمالية؛ وبالتحديد هل لا يزال موقف ربط وقف النار بين لبنان والحزب مرتبط بأن يسبقه أو يتزامن مع وقف النار بين حماس وإسرائيل في غزة؟؟.

 

سيكون خلال الفترة المنظورة مطلوباً من الرئيسين ميقاتي وبري أن يوضحا ماذا كان موقف عرقجي بالضبط من هذه النقطة؛ وأيضاً من نقاط أخرى تتصل بقضية من هي الجهة التي تفاوض داخل الحزب بإسم الحزب بعد غياب السيد نصر الله؛ وما إذا كانت زيارة عرقجي جاءت لتوضح “موقف محور المقاومة” من كل مفاصل تطورات الحرب على جبهتي غزة ولبنان الذي كان يعبر عنه السيد حسن نصر الله؟؟.

 

يلاحظ أن كلاً من السيد خامنئي وعرقجي أعلنا أمس، الأول من طهران والثاني من بيروت، أن موقف إيران هو التالي: ١- تدعم إيران جهود وقف النار بين إسرائيل والحزب؛ ٢- تشترط إيران أن يلبي وقف النار حقوق الشعب اللبناني؛ ٣- أن يلبي موافقة حزب الله؛ ٤- أن يتزامن وقف النار بين إسرائيل ولبنان مع وقف النار بين حماس وإسرائيل في غزة.

 

من منظار الجهد اللبناني المبذول على خط ثلاثية جنبلاط – بري – ميقاتي؛ فان الموقف الإيراني كما تم تظهيره إعلامياً أمس لا يعتبر مشجعاً كونه يصر على ربط وقف النار في لبنان مع غزة؛ وأقله سيحبط هذا الموقف حالة الحماسة لدى فرقاء لبنانيين كثيرين راهنوا على قدرة بري على فصل الحل في لبنان عن الحل في غزة؛ بطريقة لا تعني فصل تضامن الموقفين سياسياً. 

 

.. ولكن، ورغم مشهد أمس؛ يظل هناك من يرى أنه يوجد داخل موقف إيران المعلن من طهران وبيروت؛ هامش لاعتبار أن إيران تتحدث بلسان تفاوضي تقوم خلاله برفع السقف؛ وبلسان ثان سياسي تقوم خلاله بتدوير الزوايا داخل الأروقة السياسية. وما أوحى بإمكانية وجود هذا المعنى هو تصريح نائب رئيس المكتب السياسي أمس محمود قماطي الذي في رده على سؤال عن ربط وقف إطلاق النار بين الحزب وإسرائيل بوقف النار في غزة؛ أجاب قائلاً لا نستطيع بحث هذا الأمر قبل وقف إسرائيل للنار ضد لبنان. 

كلام قماطي وتسريبات أخرى تشي بأن حزب الله يقبل بهدنة أيام على جبهة الشمال يجري خلالها بحث في هدنة غزة بين الدول الوسيطة وإسرائيل.

 

أما النوع الثالث من رسائل زيارة عرقجي فهو يتعلق بالقول إنه في لحظة أن كلاً من واشنطن وتل أبيب تدرسان حدود الرد على الرد الإيراني؛ فإن طهران تذكر الطرفين بأن بجعبتها أوراق قوة إقليمية وذلك من خلال تأكيدها على أن علاقاتها بمقاومات محورها لا تزال على قوتها؛ وأن مقاومات العراق ولبنان واليمن وربما سورية هي جاهزة للمواجهة بمثلما أنها جاهزة للتفاوض جنباً إلى جنب مع طهران.. ويلاحظ أنه تم يوم أمس إسناد هذا المعنى في رسالة إيران وذلك عبر القول إن طهران التي تقف هذه اللحظة بمواجهة كيف ستتصرف واشنطن وإسرائيل عسكرياً مع إيران؛ لديها أوراق مواجهة إقليمية لا تزال فاعلة ولم تؤثر بها ضربات إسرائيل الأخيرة، بدليل ما حدث في الساعات الأخيرة من عملية عراقية ناجحة عبر تسلل نوع جديد من المسيرات ما أدى لقتل وجرح جنود إسرائيليين؛ إضافة لعمليات قصف حدثت ضد مواقع أميركية؛ الخ..

Exit mobile version