الهديل

ما هي الآثار النفسية للحروب والصراعات؟

ما هي الآثار النفسية للحروب والصراعات؟

 

تولِّد الحروب والنزاعات دمار يطال البنيان، والإنسان بالقتل والإصابات الجسدية، ويتعدى ذلك إلى صدمات نفسية من هول ما يراه الفرد ويعيشه فيدخل البعض في حالة من الذهول وفقدان القدرة على استيعاب ما يجري حولهم وإنكاره، وقد يعيش من ينجو في جحيم الآثار النفسية للحروب وما تخلفه من جروح نفسية عميقة وذكريات مؤلمة

إن ما يعيشه الأشخاص في ظل اشتعال الحروب من تهديد بالموت، والتعرض للإصابات الجسدية والعنف، وفقدان الأهل، وتدمير المنازل والممتلكات وصولًا إلى التهجير والعيش في ظروف قاسية يعرضهم للإصابة بصدمة نفسية أو صدمة الحرب.

تعرف الصدمة النفسية أو صدمة الحرب ( War Trauma) بأنها الاستجابة العاطفية التي تحدث بعد التعرض مباشرة لأحداث مؤلمة تفوق قدرة الشخص على تحملها وتُفقِده الشعور بالأمان فيسيطر عليه العجز وقلة الحيلة ويصاب بحالة من الذهول وإنكار ما يحدث، وقد يظهر ذلك في صورة خوف وذعر، وقلق، وكذلك الارتباك وصعوبة التركيز، وربما الغضب أو الشعور بالذنب.

يمكن أن تصيب صدمة الحرب الأطفال والكبار، وتختلف القدرة على استيعاب الأحداث الصادمة من شخص لآخر فالبعض يستطيع تجاوز الأمر مع الوقت، بينما يعاني آخرون من الآثار النفسية للحروب فترة طويلة ويصابون باضطرابات نفسية مزمنة.

تعد كل من الفئات التالية عرضةً للإصابة بصدمة الحرب:

الأشخاص الذين عاشوا الحرب أو كانوا شاهدين على الأحداث المؤلمة من قتل وإصابات.

الأفراد الذين خاضوا الحرب مباشرة أو أعطوا الأوامر بإلحاق الأذى بالآخرين.

الأفراد الذين سمعوا عن تعرّض أحبابهم أو أقاربهم أو أصدقائهم لصدمات شديدة جراء الحرب.

الأشخاص الذين هم في تعرّض مستمر لتفاصيل الأحداث الصادمة الناتجة عن الحرب.

تتضمن الأحداث التي قد تؤدي إلى الإصابة بصدمة الحرب ما يلي:

التعرض للقصف أو إطلاق نار.

التهجير القسري.

التعرض للضرب أو التعذيب أو الاغتصاب.

تؤثر صدمة الحرب على حالة الفرد النفسية وصحته الجسدية فمع التوتر الشديد والضغط النفسي يصاب العقل والجسم بالتعب والإرهاق.

ومن أبرز أعراض الصدمة والآثار النفسية للحروب التي قد تظهر على الشخص ما يلي:

انكار ما يحدث حوله.

صعوبة السيطرة على المشاعر وعدم القدرة على التحكم في ردود الفعل.

الغضب وسهولة الانفعال.

فرط اليقظة حيث يصبح الجسم في حالة من التأهب لمواجهة أي خطر.

الارتباك والقلق.

الإحساس بالحزن الشديد واليأس.

الشعور بالعجز والذنب ولوم النفس.

الشعور بالخدر والانفصال عما حوله.

قد لا تختفي الآثار النفسية للحروب والصراعات بمجرد انتهاء الحرب، بل قد تستمر المعاناة والألم بما أحدثته من جروح عميقة في النفس والروح فيعيش الناجون في دوامة استعادة الذكريات المأساوية وأصوات الانفجارات ومشاهد القتلى والجرحى، حتى أن هذه المشاهد تسيطر على منامهم، وهو ما يشير إلى الإصابة باضطرابات نفسية.

اضطراب ما بعد الصدمة

هو اضطراب نفسي ينجم عن التعرض لحدث صادم يتطور لدى بعض الأشخاص الذين تعرضوا لصدمة نفسية، حيث تستمر أعراض الصدمة أسابيع أو شهور. يظهر اضطراب ما بعد الصدمة في استعادة الشخص للذكريات المؤلمة مرارًا وتكرارًا، والشعور بالخوف الشديد من تكرار معايشة الحروب، وكذلك تجنب المواقف والأماكن التي تحيي ذكريات الحرب المؤلمة بداخله. قد يستمر هذا الاضطراب لأشهر عديدة أو سنوات، ولكن يساهم تلقي العلاج المناسب في الحد من الأعراض وتحسين جودة الحياة

الاكتئاب

يعد الاكتئاب من أبرز الاضطرابات النفسية التي تخلفها الحروب، إذ يشعر الشخص بالحزن المستمر وفقدان الطاقة وانعدام القيمة واليأس، وقد يصل الأمر إلى الانتحار في بعض الحالات.

اضطراب القلق

قد تؤدي التبعات النفسية للحروب إلى الإصابة باضطراب القلق، وفيه يشعر الشخص بقلق شديد عند مواجهة موقف يعيد ذكريات الحرب.

يعد الأطفال أكثر عرضةً للإصابة بصدمات نفسية جراء الحروب وما يتبعها من اضطرابات نفسية، فالطفل لا يزال في مرحلة النمو والتطور العاطفي والجسدي والسلوكي، وقد يؤدي تعرضه للتوتر الشديد والخوف من هول الأحداث في الحروب إلى التأثير على التطور الطبيعي للمخ والذي بدوره يؤثر على صحة الطفل النفسية والبدنية، كما قد يواجه صعوبة الاندماج في المجتمع.

يمكن أن يعبّر الأطفال عن صدماتهم النفسية بطريقة مختلفة عن الكبار، فالأطفال صغار العمر قد تظهر لديهم علامات الصدمة من خلال طريقة ونوعية لعبهم، أو الكوابيس المزعجة، أو تصرفات خارجة عن المالوف (على سبيل المثال التبول اللإرادي)

تعد أول خطوة في التعامل مع الصدمة والآثار النفسية للحروب هي الخضوع للعلاج النفسي الذي يساهم في تخفيف حدة الأعراض لدى الشخص، ويقلل من احتمالية تطور الأمر للإصابة باضطرابات نفسية.

يتبع الطبيب في العلاج النفسي أساليب مختلفة للتخفيف من حدة الألم النفسي الذي يسيطر على الشخص، وتعليمه كيفية التعامل مع الذكريات المؤلمة التي مر بها دون الشعور بالقلق أو الذعر.

هناك بعض الطرق أيضًا التي قد تفيد في تخفيف وقع الأحداث الصادمة والتعامل مع الذكريات المؤلمة، مثل:

الاختلاط بالآخرين وتجنب البقاء وحيدًا.

الانخراط في الحياة الاجتماعية ومحاولة العودة للممارسة الحياة الطبيعية قدر الإمكان.

التطوع والمشاركة في الأعمال الخيرية.

التحدث مع الأصدقاء والتعبير عن المشاعر السلبية.

المشاركة في الأنشطة الترفيهية والممتعة خاصة للأطفال.

محاولة اتباع نمط حياة صحي.

الانضمام لمجموعات الدعم النفسي.

Exit mobile version