خاص الهديل…
بقلم: ناصر شرارة
لم تعد خافية أهداف التوغل البري الإسرائيلي في الجنوب؛ فهو ليس محدوداً لا من حيث الوقت الذي سيستغرقه، ولا من حيث مساحة الأراضي اللبنانية التي سيشملها هذا التوغل الذي إسمه الحقيقي غزو لجنوب لبنان.
أضف لذلك أن هذا التوغل البري الذي تسميه إسرائيل “توغلاً محدوداً”، حشدت له الحكومة الإسرائيلية نحو ١٢٠ ألف عسكرياً ونحو ٢٠٠٠ دبابة؛ وهذا الحجم من العديد والعتاد يؤشر إلى أن إسرائيل تجهز لعملية برية واسعة النطاق وليست عملية بحدود ٣ أو ٥ كلم بالعمق اللبناني.. كما أن تحرك البحرية الإسرائيلية وتوجيه إسرائيل أوامر بإخلاء الشواطئ اللبنانية حتى نهر الأولي؛ يعني بوضوح أن تل أبيب تخطط لبدء عملية برية واسعة مترافقة مع انزلات بحرية وجوية وفق خطط غزو للبنان مرسومة منذ العام ٢٠١٧ على الأقل.
يبقى هناك أمر آخر على غاية من الخطورة وهو الضغط العلني وغير المخفي الممارس من قبل إسرائيل على قوات اليونيفيل في جنوب لبنان؛ والهدف الأولي لهذا الضغط هو دفع عناصرها وعتادها لإخلاء تواجدها على الخط الأزرق، والانسحاب في المرحلة الأولى نحو ٥ كلم وراء هذا الخط الحدودي.
والواقع أنه حينما تترك قوات اليونيفيل مواقعها على الخط الأزرق؛ فهذا يعني عملياً أنها تركت مهمة ال ١٧٠١ وأصبحت “قوة نازحة” داخل جنوب لبنان.
يبدو أن إسرائيل لم تعد معنية لا بالقرار ١٧٠١ ولا بتسوية مع لبنان على أساسه؛ بقدر ما هي باتت معنية بتحقيق أمرين إثنين استراتيجيين من وجهة نظر بنيامين نتنياهو:
الأمر الأول هو تحقيق غلبة عسكرية واضحة على حزب الله؛ وهذا الأمر يحتاج لثلاثة عناصر:
أ- استكمال مشروع اجتثاث بنية الحزب السياسية والعسكرية القيادية من خلال الاغتيالات؛
ب- نزع أسلحة الحزب الصاروخية الدقيقة؛
ج- توغل بري يصل إلى خط الأولي وليس فقط الليطاني؛ ذلك أنه عندما يصل الجندي الإسرائيلي إلى الأولي تصبح إسرائيل موجودة على مشارف القرار السياسي في بيروت!!.
والواقع أن هذه العناصر الثلاث من الصعب تحقيقها، نظراً لكون إسرائيل لا تملك القدرة على ذلك حتى لو كان لديها تفوق عسكري، أضف أن واشنطن لن تغطيها في مشروعها هذا وهي حتى لو غطت أجزاء من عناصر هذا المشروع فهي لن تستطيع أن تعطيها الوقت الطويل من التغطية السياسية حتى تنجز تل أبيب هذه العناصر الثلاث السالف ذكرها.
الأمر الثاني الذي يسعى نتنياهو لتحقيقه هو استبدال القرار ١٧٠١ بالقرار ١٥٥٩؛ أي جعل مطلب سحب السلاح من الميليشيات هو أمر تقوم الدولة اللبنانية بتنفيذه على كل الأراضي اللبنانية، فيما عملية سحب السلاح من حزب الله هي أمر تطبقه إسرائيل في منطقة الجنوب عبر اقتطاع شريط حدودي سياسي أول مرحلة يمتد إلى خط الأولي، والهدف منه مقايضة الدولة اللبنانية سياسياً؛ ومن ثم تنسحب منه إسرائيل إلى خط الليطاني الذي هو بنظر أحزاب أقصى اليمين الصهيوني الحاكمة بمثابة “خط ايديولوجي وأمني”، ولا يجب الإنسحاب منه.