خاص الهديل….
بقلم: ناصر شرارة
مع كل يوم جديد يمر على حرب إسرائيل ضد لبنان، يصبح التقارب بين نموذج ما تفعله إسرائيل بغزة وما تفعله في لبنان متشابهاً لحد التطابق.
وتعتبر سياسة المجازر ضد البيئات المدنية التي تسميها إسرائيل بأنها حاضنة للمقاومات ضدها، هي أبرز سمات استراتيجية حرب إسرائيل ضد حماس في غزة وضد حزب الله في لبنان.
.. ومن خلال التدقيق بهذه الاستراتيجيات وبسِمة المجازر داخلها، يتضح أن المجزرة النكراء التي ارتكبها العدو الإسرائيلي أمس بحق مجلس بلدية مدينة النبطية كان مقصوداً وكان الهدف منه إيصال رسالة لكل بلديات المنطقة الموجودة ما وراء خط الأولي أنه لا يوجد في هذه المرحلة سلطة تشرف على توجيه الشؤون في تلك المنطقة سوى أوامر الجيش الإسرائيلي وما يصدر عنه من بيانات تحذير وإخلاء للسكان، الخ….
لقد حدثت مجزرة إبادة مجلس بلدية النبطية خلال تداعيه (أي المجلس) لعقد اجتماع لمناقشة كيفية إغاثة المدينة المنكوبة جراء الاعتداءات التدميرية الصهيونية ضدها، وعليه كان الاعتداء مقصوداً ضمن الهدف الصهيوني المشار إليه أعلاه..
وبجدر في هذا المجال لحظ أن إسرائيل تقصدت استهداف المجتمعين في البلدية؛ وتقصدت إبادة رئيس البلدية وأعضاء مجلسها البلدي؛ علماً أن هذا المجلس له صفة اعتبارية ومدنية؛ فهو مجلس منتخب وهو يدير إدارة رسمية مدنية؛ ومع ذلك قصفته الطائرات الإسرائيلية؛ بل لأنه كذلك قصفته الطائرات الإسرائيلية!!
هناك سؤالان مطروحان بمقابل هذا العدوان – الجريمة؛ الأول هو عن سبب عدم رفع الصوت خارجياً على هذه الإبادة بحق سلطة مدنية منتخبة!!
السؤال الثاني هو لماذا تقوم إسرائيل عن سابق تقصد وإصرار بإبادة مجلس بلدي لثاني أكبر مدينة في جنوب لبنان؟؟.
الإجابة عن هذا السؤال موجودة في دراسة لمركز الما الإسرائيلي المختص بتحليل شؤون الحرب في الشمال (أي على جبهة الشمال مع لبنان بحسب المصطلح الإسرائيلي).. تقول الدراسة أمرين إثنين أساسيين:
الأمر الأول يتعلق بدراسة قام بها الما لمعرفة كيف تتوزع نسب تأييد الشيعة في لبنان لحزب الله.
وتظهر الدراسة أن النسبة الأكبر من الشيعة المؤيدين لحزب الله موجودة في مدينة النبطية وقضائها..
الأمر الثاني الرئيسي الذي تقوله الدراسة هو أنه يجب معرفة من هي البيئات الاجتماعية التي تسهم في مد حزب الله بالمجهود الحربي البشري؟؟.
وتخلص الدراسة إلى أنه يجب معاقبة هذه البيئات بشن حرب كي وعي ضدها.
إن أخطر ما في هذه الدراسة التي توجه عمل النشاط العسكري الإسرائيلي هو أنها تعتمد منهجية إجرامية في التعامل مع بيئات مدنية موجودة ضمن مناخ صراعات تتأثر بها وليست هي من تصنعها.
أضف أن فكرة العقاب الجماعي ضد البيئات الاجتماعية لمجرد أنها تساند وجهة نظر سلمية معينة؛ هي فكرة مجرمة وخارجة عن القانون الدولي.