خاص الهديل….
غنوه دريان ..
امام هذه الحالة التي نعيشها سقطت أمامي كل فكرة للنجاة وتداعت خططي المستقبلية، شعرت بأنني مكبّلة داخل جدران غرفتي القلقة ولا أستطيع التحرك، بقيت بلا أكل أو حراك لأكثر من أسبوع، أبدأ يومي بالأخبار ولا أنتهي منها، إلى أن يتغلّب عليّ النوم لساعة او ساعتين في اليوم كحدّ أقصى.
كيف تخافين وأنت صحافية؟ نعود إذن إلى السؤال التقليدي كان الاستغراب سيّد الموقف، فمن المعروف عن الصحافي أنه يجب ألا يهاب شيئاً، حتى إذا كان صاروخاً قد يسقط فوق رأسه في أي لحظة ويحوّله أشلاء، أو يحطّم منزله ويبقى سالماً إذا كان حظه وفيراً أو نهايته لم تأتِ بعد!
استفقت بعد أيام وأنا أريد تحدي الخوف أو على الأقل ألا أظهره للآخرين من حولي خوفاً على “سمعتي”، وانتقلت إلى مرحلة إنكاره والدفاع عن نفسي بوجهه. كان كل من يسألني يتلقى جواباً دفاعياً وبنبرة مرتفعة: “نعم خفت قليلاً لكنني أبقى أفضل من غيري”.
اليوم وفي هذا الوضع الكارثي ، عدت وتصالحت مع الشعور بالخوف. نعم أنا أخاف هذه الحياة الكئيبة، نعم أخاف فقدان الأمل بمستقبل مهني أفضل. أخاف ألا أستطيع عيش بقية حياتي مع الرجل الذي اختاره قلبي ولم أره منذ أشهر بسبب الحرب. أخاف ألا أستطيع أن أجوب العالم وأتعرف إلى شعوبه كما كان حلمي منذ صغري. أخاف ألا أستطيع لقاء أصدقائي مرة أخرى، أصدقائي الذين تفصلني عنهم دقائق أو ساعات في السيارة، لكننا لا نستطيع ترتيب لقاء “آمن” لنتحدث عن يومياتنا خلال الحرب، وكيف نجونا من الخطر مرات عدة، ومن منّا كان الأقرب للموت.
نعم أنا أخاف!