خاص الهديل….
بقلم: ناصر شرارة
ليلة الحرب الإسرائيلية على فروع مؤسسة “القرض الحسن” في كل لبنان (وهو مؤسسة مالية تابعة لحزب الله)، أسفر عنها نزوح آلاف اللبنانيين الجدد؛ وهؤلاء هم سكان المباني السكنية التي توجد فيها أو بمحيطها فروع للقرض الحسن.
والواقع أن القصة التي أشعلت ليل لبنان بالنار والنازحين ليلة أمس، تكاد تشبة قصة كل ليلة منذ قررت إسرائيل نقل ثقلها العسكري من الجنوب مع قطاع غزة إلى الشمال مع لبنان؛ ومنذ اعتبر نتنياهو أن غزة ساحة حرب ثانوية ولبنان ساحة حرب رئيسة. ومنذ ذلك الوقت باتت قليلة هي الأيام التي تمر على لبنان من دون أن يخرج فيها المتحدث بإسم الجيش الإسرائيلي ادرعي ليوجه إنذارات للسكان المدنيين اللبنانيين كي يخلوا أحياء أو بلدات بكاملها تحت حجة أن الجيش الإسرائيلي يريد أن يستهدف مصالح وبنى عسكرية موجودة فيها تابعة لحزب الله.
وليلة أمس كانت الأوسع نطاقاً على هذا الصعيد، حيث أمرت إسرائيل المدنيين اللبنانيين بأن يخلوا نحو ١٣ منطقة سكنية في كل لبنان وبينها مناطق في العاصمة وفي البقاع والجنوب.. كما أبرز حدث ليل أمس الملاحظات الأساسية التالية:
الملاحظة الأولى تبين كم أن لبنان مكشوف بالكامل أمام همجية آلة الحرب الإسرائيلية؛ ولكن معنى هذه الجملة هنا لا يكتمل إلا اذا تم إقرانه بتتمة له تقول إن آلة إسرائيل العسكرية التي تهجر اللبنانيين من منطقة إلى منطقة أخرى ومن حي إلى حي آخر، تضم أحدث الأسلحة الأميركية، وهذه الآلة مغطاة سياسياً أيضاً بدعم كلي من الولايات المتحدة الأميركية التي تعتبر القوة السياسية الأقوى في العالم.
الملاحظة الثانية: ..ان التزامن المقصود الذي حصل بين وصول هوكشتاين إلى بيروت للبحث عن حل لوقف الحرب، وبين ليلة الحرب الإسرائيلية على السكان العزل المجاورين لمكاتب القرض الحسن، يطرح سؤالاً مشروعاً وملحاً على لبنان. ومفاده أين يبدأ الحل الأميركي وأين تبدأ الحرب الإسرائيلية(؟؟) والعكس صحيح(؟؟)، واستدراكاً هل هناك فعلياً فرق بين جزرة هوكشتاين وعصا افيخاي ادرعي؛ أما أن كليهما يكمل الآخر وينشئان معاً إيقاعات رقصة تانغو من الضغط المتوحش الأميركي الإسرائيلي السياسي والعسكري على اللبنانيين؟؟.
الملاحظة الثالثة تتعلق بما إذا كان تصعيد ليل أمس الإسرائيلي الترويعي هو عنوان مكتوب هوكشتاين إلى بيروت التي يزورها اليوم.. أي أن مندوب الرئيس بايدن لا يحمل الى بيروت مبادرة البيت الأبيض بل شروط كابينت الحرب الإسرائيلي لاستسلام لبنان.
ويثير هذا الأمر الانتباه إلى حقيقة تحكمت بالدبلوماسية الأميركية منذ ٧ أكتوبر ٢٠٢٣ حتى الآن، وقوامها أنه ليس لواشنطن سياسة أميركية في المنطقة، بل سياسة إسرائيلية؛ فوزير الخارجية الأميركية بلينكن زار المنطقة خلال حرب طوفان الأقصى المستمرة، أكثر من عشر مرات، وفي كل مرة كان يقول بلينكن لمحادثيه العرب ماذا تريد إسرائيل، وليس ما الذي تراه إدارة إدارة بايدن؛ وعليه بات يطلق على بلينكن صفة أنه وزير خارجية إسرائيل الأميركي الجنسية؛ وحالياً فإن السؤال الأساس الذي يجب على بيروت أن توجهه إلى هوكشتاين الاسرائيلي الهوى، هو عن صفته: هل هو مندوب بايدن أم مندوب كابينت الحرب الإسرائيلي؟…