كلمة السيد الرئيس محمود عباس أمام قمة “بريكس” المنعقدة في مدينة قازان الروسية
أود بداية أن أتقدم إلى فخامتكم وإلى قادة دول المجموعة، بالشكر الجزيل على دعوتكم الكريمة لنا إلى المشاركة في أعمال هذه المجموعة الهامة، التي تنعقد لتعزيز العلاقات بين دول البريكس والجنوب العالمي، الأمر الذي سيتيح الفرصة لتوسيع وتعزيز الحوار والشراكة في مجالات التنمية والابتكارات والطاقة والثقافة والأمن والسلم الدوليين، وإعطاء دفعة بنّاءة لحل قضايا الساعة الإقليمية والدولية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، وذلك من أجل بناء عالم أفضل.
وفي هذا المقام، نتقدم إلى الدول التي انضمت حديثاً إلى مجموعة البريكس وهي مصر، وأثيوبيا، ودولة الإمارات، وإيران، بالتهنئة على هذا الانضمام الذي يُشكِّل مؤشراً قوياً على الدور المتنامي للمجموعة، وأهميتها الكبيرة على الصعيد الدولي، آملين قبول طلب انضمام دولة فلسطين أيضا إلى المجموعة في القريب العاجل.
إن التطور الكبير الذي تشهده مجموعة البريكس، والرغبة المتزايدة لعدد أكبر من الدول في الانضمام إليها، يُظهر الحاجة الملحة إلى نظام عالمي أكثر توازناً وعدلاً، خاصة في ظل عدم نجاح مؤسسات النظام الدولي الحالي في إيجاد حلول فاعلة للأزمات المتزايدة، والقضايا المزمنة التي يعانيها العالم، وعلى رأسها القضية الفلسطينية.
لقد مر عام كامل على أكبر كارثة يمر بها الشعب الفلسطيني بعد نكبة عام 1948، وهي الحرب الإسرائيلية التي تُرتكب فيها جرائم الإبادة الجماعية، والتطهير العرقي في قطاع غزة، توطئة لإفراغه من سكانه، وخاصة الآن في شمال قطاع غزة حيث تلجأ قوات الاحتلال إلى تجويع السكان هناك. وكذلك اعتداءات قوات الاحتلال والمستوطنين الإرهابيين على الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، والضرب بعرض الحائط القانون الدولي، وتعريض المنطقة للانفجار وتوسيع دائرة الصراع.
لقد قررت الحكومة الإسرائيلية إغلاق المقر الرئيس لوكالة الأونروا في القدس الشرقية وتعطيل عملها في العناية باللاجئين الفلسطينيين في أرض دولة فلسطين المحتلة، ما يستوجب من المجتمع الدولي الرفض والإدانة وإجبار الحكومة الإسرائيلية على التراجع عن هذا القرار.
ولهذا فقد أصبح هناك حاجة ملحة وعاجلة إلى تطبيق قرار مجلس الأمن الدولي بوقف إطلاق النار الفوري، وإدخال المساعدات الإنسانية، والانسحاب الإسرائيلي الكامل من قطاع غزة، وتولي دولة فلسطين مهامها الكاملة لإعادة النازحين إلى مناطقهم، وإعادة الإعمار.
إن تحقيق العدالة للشعب الفلسطيني هو الاختبار الأهم في هذه المرحلة التاريخية، بعد مضي 76 عاماً من النكبة والتشرد والمعاناة للشعب الفلسطيني بأكمله، ولقد حان الوقت لوقف الظلم وإنهاء ممارسات الاستقواء بالقوة العسكرية، وإطالة أمد الاحتلال، لذلك فإننا ندعو دول العالم إلى تطبيق قرار الجمعية العامة بشأن فتوى محكمة العدل الدولية، وإلزام سلطات الاحتلال إنهاء وجودها غير القانوني على أرض دولة فلسطين، بعاصمتها القدس الشرقية خلال عام واحد، كما نصت عليه توصيتها، وإعمال العقوبات عليها في حال عدم التزامها، والعمل مع الأمم المتحدة والأطراف المعنية على عقد مؤتمر دولي للسلام. وإننا نعوِّل كثيراً في هذا السياق على دول مجموعة البريكس التي أصبحت تشكِّل ثقلاً مؤثراً ومُقرراً في إرساء قواعد السلم والأمن الدوليين.
إن دولة فلسطين تعتبر المبادئ التي تقوم عليها مجموعة البريكس جزءاً أصيلاً من سياستها التي تؤمن بالعدالة والاحترام المتبادل والرخاء المشترك، والتي تمثل تطلعات شعبنا، ونتقدم بالشكر إلى قادة مجموعة البريكس على مواقفهم الشجاعة تجاه دعم القضية الفلسطينية، ونيل شعبنا حريته واستقلاله.
ونجدد في هذا الصدد، رغبة دولة فلسطين في الانضمام إلى مجموعة البريكس، وتعزيز الشراكة والحوار والانخراط في الفعاليات مع أعضائها، مؤكدين استعدادنا الكامل للالتزام بمقاصد هذه المجموعة وممارساتها وأنشطتها، من أجل تحقيق أهدافها، وتحقيق شراكة إستراتيجية لبناء مستقبل أفضل للبشرية.