خاص الهديل…
بقلم: ناصر شرارة
دخلت عملية التفاوض غير المباشرة بين إسرائيل وحزب الله لوقف إطلاق النار بينهما، نفس الآلية والتعقيدات الموجودة فيها حالة التفاوض بين إسرائيل وحماس سواء على مستوى الشكل أو على مستوى المضمون وأيضاً على مستوى الشروط والشروط المضادة. فحزب الله اليوم يعيش مرحلة ما بعد أمينه العام الأقوى في تاريخه السيد حسن نصر الله؛ تماماً كما أن حماس تعيش حالياً في لحظة أنها ما بعد رئيسها الأقوى في تاريخها يحيى السنوار. وكلاهما، أي حزب الله وحركة حماس، هما الآن من دون قيادة ظاهرة ومعروفة؛ وبات يقال إن من يقودهما سياسياً حالياً هي “جهات خارجية”(!!). ويدور الحديث عن أن إيران هي عملياً من تقود حزب الله بعد اغتيال السيدين نصر الله وهاشم صفي الدين؛ وأن قيادة حماس بعد اغتيال السنوار انتقلت قيادتها لمجلس قيادي جماعي ينسق مع المخابرات المصرية التي انتقلت بدورها لقيادة جديدة!!
.. أضف أنه مع وجود يحيى السنوار كان التفاوض صعباً مع حماس نظراً لظروف السنوار الأمنية، ونظراً لكونه كان متحكماً بقرار حماس؛ ما جعل مرسلو اقتراحات وقف إطلاق النار في غزة إليه، يضطرون لأن ينتظروا عدة أيام حتى يأتيهم رده. فالسنوار كان يحرص على التأكد من أنه لا يوجد داخل عمليات التفاوض والأخذ والرد معه، كمائن ينصبها جهاز الشاباك من أجل اغتياله وهذا الاعتبار كان يجعل عملية التفاوض معه معقدة للغاية.. ولكن غياب السنوار لم يجعل عملية التفاوض أسهل، بل أضاف عليها تعقيدات من نوع جديد، كمثال أن المفاوضين ما عادوا يعرفون على وجه الدقة من هو مفاوضهم من قبل حماس، ومن يتخذ القرار بإسمها، الخ.. ونفس هذا الغموض يسود حول من يقرر نيابة عن حزب الله في المفاوضات التي يجريها هوكشتاين؛ والسؤال المطروح هنا هو: من هي الشخصية التي حلت مكان السيد نصر الله؛ وهل تكليف الرئيس نبيه بري بتمثيل الحزب في المفاوضات هو “شيك على بياض” أم أنه تكليف مشروط بأنه يجب على بري أن يعود للحزب عند حصول كل تقدم أو تعثر في التفاوض؛ وإذا كان الأمر كذلك فمن هي الجهة داخل الحزب التي يراجعها بري ليأخذ منها الرد ليقوم بطرحه مع هوكشتاين؛ وهل هذه الجهة هي الحزب فعلياً؛ أم أنها إيران كما تقول بعض التقارير الصحفية؟؟.
.. وبهذا المعنى يصبح هناك حاجة لتحديث السؤال ليصبح كالتالي: هل بري يفاوض ب_إسم الحزب وبالتنسبق معه(؟؟) أم أنه يفاوض بالنيابة عنه(؟؟) أم أنه يفاوض بتكليف غير معلن من إيران ليمثل بذلك موقف طهران الذي بضمنه أصبح يوجد موقف حزب الله؟؟.
يبدو واضحاً أنه بعد اغتيال اسماعيل هنية ومن ثم السنوار؛ وأيضاً بعد اغتيال السيد نصر الله ومن ثم السيد صفي الدين أصبح هناك توجهاً حاسماً لدى حماس والحزب قوامه إخفاء قيادتهما الموجودة على رأس الهرم التنظيمي والسياسي والعسكري فيهما؛ وذلك بهدف حرمان إسرائيل من فرصة اغتيالها. ولكن هذا الوضع يخلق غموضاً حول أمر غاية في الأهمية، وجوهره السؤال عن أين أصبح مصدر القرار في الحزب وحماس؛ وهل خروج نصر الله والسنوار من قيادتهما حتماً نقل قيادة حزب الله وحماس إلى خارجهما؛ أي إلى خارج إطارهما التنظيمي لصالح انقيادهما من قبل تداخلات جديدة كدور ما لمصر أو للدوحة داخل قيادة حماس، ودور كلي لإيران داخل قيادة حزب الله؟؟.