خاص الهديل…
بقلم: ناصر شرارة
كل القصة بشأن قرار إسرائيل بشن حرب مفتوحة على لبنان، بدأت وسارت وفق ثلاث مراحل زمنية واكبتها ثلاث محطات تفكير:
المرحلة الأولى هي عصارة نتائج حرب ٢٠٠٦؛ وبالتحديد كيف قرأت ليس فقط إسرائيل بل بالأساس الولايات المتحدة الأميركية هذه النتائج؛ وإلى ماذا خلص تفكير المستويين العسكري والسياسي الإسرائيلي والأميركي بشأنها.
باختصار بعد حرب ٢٠٠٦، وتحديداً منذ العام ٢٠٠٧ بدأ يصل إلى إسرائيل عدد غير قليل من اللجان العسكرية الأميركية التي أرسلها البنتاغون وذلك بهدف جمع المعلومات حول عدة أسئلة شكلت قلقاً لقيادة المنطقة الوسطى العسكرية الأميركية؛ وبمقدم هذه الأسئلة الرغبة بمعرفة كيف استطاع حزب الله أن يقاتل بأسلوب حرب مواجهة لمدة ساعات – وليس بأسلوب اضرب واهرب – مع الدبابات الإسرائيلية؟؟.
.. والفكرة الأساسية التي حملتها هذه الوفود هي معرفة لماذا الحزب تصرف عسكرياً في حرب ٢٠٠٦ على عكس ما تصرفت عليه المقاومات في أفغانستان وفي العراق؟؟.. بكلام أدق من أين جاء هذا النموذج الجديد الذي اتبعه حزب الله في القتال؟؟..
.. وعليه فإن المرحلة الأولى تمثلت بإلحاح البنتاغون على الحصول على إجابة شافية عن هذا السؤال: مصدر نموذج قتال الحزب؟؟
المرحلة الثانية تلت الأولى وكانت نتيجة لها، وهي امتدت من عام ٢٠١٢ لغاية ٢٠١٧؛ وبخلالها وضع البنتاغون الإجابة العسكرية عن الأسئلة التي طرحها عن سبب تمايز قتال حزب الله في حرب ٢٠٠٦. وبموجب ذلك خصصت واشنطن مبلغ ١.٥ مليار دولار لبناء ترسانة جيل الحرب الجديد ضد حزب الله.
لقد تم تصنيع نظام متطور تقني يمكنه أن يطارد عناصر حزب فور خروجهم من الأنفاق ويمنع قدرتهم على قتل الجنود الإسرائيليين وقنص دبابات المركافا. وهذا النظام هو الذي يقاتل حزب الله اليوم وهو الذي يرصد ويتابع ويغتال!!.
المرحلة الثالثة امتدت من ٢٠١٧ لغاية ٢٠٢٢ وشهدت خلالها سلسلة تدريبات حدثت في قبرص وفي إسرائيل تحت عنوان “مناورة عربات النار”؛ وكانت هذه أضخم مناورة تقوم بها إسرائيل وتشارك فيها القيادة الوسطى الأميركية وهدفها شن الحرب المقبلة الشاملة ضد حزب الله وإيران وتجاوز إخفاقات حرب ٢٠٠٦.
تتكون هذه المناورة من فلسفة تبرر أسباب القيام بها؛ وأبرز سبب فيها هو ضرب إيران قبل العام ٢٠٢٦ كونه في هذا العام ستصبح إيران قادرة على امتلاك القنبلة النووية.
ويوجد بداخل مناورة عربات النار عدة حروب تبدأ ضد حزب الله في لبنان وتنتهي بضرب المنشآت النووية الإيرانية.
.. وإلى جانب إسمها عربات النار، أطلق على هذه المناورة أيضاً تسمية “حرب شهر” حيث قسمت المهمات فيها على ٤ أسابيع: الأول تنفذ فيه اغتيالات؛ والثاني تنفذ فيه مفاجآت (انزالات جوية وبحرية بعمق لبنان) وذلك تحت غطاء حملة استراتيجية من القصف؛ الأسبوع الثالث يتم فيه الانتقال لحرب شاملة ضد لبنان؛ أما الأسبوع الرابع فتجري فيه ضرب المنشآت النووية الإيرانية.
لا تزال مناورة عربات النار قائمة كأساس لحرب نتنياهو على الجبهة الشمالية؛ ولكن حدث ٧ أكتوبر أرغم المستوى السياسي الإسرائيلي على إضافة تعديلات تكتيكية عليها؛ بحيث أنها لم تعد “حرب شهر” بل “حرب عدة شهور”؛ لكن أهداف خطة عربات النار لا تزال هي ذاتها من جهة ولا تزال من جهة ثانية هي التي توجه أهداف خطة نتنياهو.