د. حمد الكواري: التراث الإنساني لا يتجزأ
“بيروت من تعبٍ ومن ذهبٍ، وأندلس وشام،
فضَة زبدٌ وصايا الأرض في ريش”
محمود درويش
هل يمكن أن نتغافل عمّا يقع في لبنان وكأنه شيء مألوف في زمن الصمت الدولي؟
لقد التقيت بمعالي الوزير / القاضي محمد وسام عدنان المرتضى وزير الثقافة في لبنان بالأمس.
وضمن ما تحدثنا عنه الجرائم التي ارتكبها ويرتكبها العدو الإسرائيلي في تدمير التراث الانساني العظيم في لبنان، فإسرائيل ”تعربد” كعادتها بإبادة الإنسان والمكان، وأصبحت متخصصة في تدمير التراث العربي الإسلامي ولا نغفل عما ارتكبته من عمليات تهويد القدس، وغيرها.
ولبنان بلد عريق وحافل بتراث الإنسانية لكل العصور وقل أن يجتمع تراث في بلد بحجم لبنان ومثله، والعديد من هذه المواقع مسجلة في قائمة التراث الإنساني الملموس في اليونسكو.
ونذكر على سبيل المثال لا الحصر: عنجر وبعلبك وجبل (بيبلوس) وصور وصيدا في الجنوب، عدا جبل لبنان وقضاء الشوف وطرابلس، وعدا ذلك كثير دُمرت وتُدَّمر، تحت أنظار العالم، ولم نسمع كلمة واحدة من UNESCO أو مديرتها العامة أودري اوزلاي وهي بذلك تتخلى عن دورها، وتُجمد هذه المنظمة العظيمة عن مهمتها، وتضرب برسالة الآباء المؤسسين لليونسكو عرض الحائط.
وليس هذا بالمرة الأولى، فقد رأينا ما حدث من تدمير في غزة المدينة التاريخية العريقة لأكثر من عام ولازال الأمر كذلك، من تدمير للمدارس والجامعات والمواقع الأثرية وقتل الصحفيين وغير ذلك، وكلها تدخل ضمن اختصاصات اليونسكو ومع ذلك لم نسمع كلمة واحدة من هذه المديرة التي تخلت عن دورها، وأنهت دور هذه المنظمة العظيمة .
لذلك نتوجه بنداء إلى المجلس الننفيذي اليونسكو ليتحمل مسؤوليته وعلى رأسه سيدة من أصل لبناني وكانت مرشحة لبنان لمنصب المدير العام للمنظمة عام 2017 هي السيدة فيرا الخوري لوكاي.
التراث الإنساني لا يتجزأ، وتراث لبنان، وقبله تراث غزة يتدمر، والصمت مطبق، والجميع هاربون من مواجهة الواقع، ومتورطون بالصمت مع مرتكب الجريمة، أيّ وضع آلت إليه اليونسكو؟ وأي ضمائر في سبات؟
لقد أخلت المديرة العام لليونسكو بأبسط واجبتها، وعلى الدول أعضاء المجلس التنفيذي تحمل مسؤوليتاهم أمام الله وأمام المجتمع الدولي، هل ننتظر حتى تدكّ إسرائيل كامل المعالم الأثرية بلبنان؟ هل نقف صامتين أمام المحو المتعمّد لذاكرة الإنسانية؟