الهديل

خاص الهديل: الرئيس ميقاتي يقاتل دولياً لوقف الحرب ومنع نتنياهو من تحويل لبنان إلى غزة ثانية..

خاص الهديل.. 

كتب بسام عفيفي 

تشخص أنظار العالم هذا اليوم إلى صندوق الاقتراع الأميركي الذي سيجيب بعد نحو ٢٤ ساعة على سؤال يشغل بال كل المعمورة وهو: أيهما سيكون رئيس الولايات المتحدة الأميركية لفترة أربع سنوات قادمة؛ وبالأحرى من سيحكم العالم لأربع سنوات قادمة ترامب أم هاريس(؟؟)؛ الحزب الجمهوري المحافظ واليميني أم حزب الديموقراطيين الذي يتجه أكثر فأكثر نحو اليسار؟؟.

هذا السؤال مطروح بإلحاح عندنا في لبنان الذي ينتظر ما إذا كان رئيس الولايات المتحدة الأميركية الجديد سيغير مسار الرئيس بايدن الضعيف تجاه نتنياهو أو المتواطئ مع أهداف حرب نتنياهو؛ وذلك لمصلحة وصول رئيس أميركي قادر على الضغط على الأخير من أجل إيقاف حربه المدمرة على لبنان وغزة.

في لبنان لا يوجد كما هو معروف رئيس جمهورية، وهناك حكومة تصريف أعمال؛ وهذا يعني أن السلطة اللبنانية تعيش حالة عدم اكتمال على مستوى صلاحياتها الدستورية؛ ومع ذلك هناك سعي حثيث من قبل رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي لأن يكون العمل اللبناني في هذه الفترة كامل المواصفات وبكل طاقته، وذلك فوق كل الساحات الدولية المثقلة بالمصاعب أو الداخلية المزدحمة بشجون وشؤون تدبير حياة نحو مليون ونصف نازح من الجنوب والبقاع وضاحية بيروت الجنوبية. 

منذ بدء الحرب الوحشية الإسرائيلية على لبنان بدأ الرئيس ميقاتي من جهة حراكه الداخلي لإظهار أكبر قدر من الوحدة الوطنية، وبدأ من جهة ثانية حملته الدبلوماسية العالمية لتجنيد أفضل موقف دولي رادع لإسرائيل ومساند للبنان.

.. والحق يقال إن مهمة الرئيس ميقاتي هذه ليست سهلة، خاصة في ظل أن المناخ الداخلي السياسي اللبناني لا يكون دائماً مساعداً؛ وغالباً ما يكون محبطاً.

والواقع أنه في صلب هذا التعقيد الداخلي بالذات، تكمن ميزة الرئيس ميقاتي الذي نجح في امتحان أنه قادر على قطع السير نحو الهدف الوطني رغم أن طريقه مثقل بالتعقيدات وبالحروب الجانبية وبأصحاب السلوك غير المسؤول.

منذ البداية صمم ميقاتي على جعل مهمة حكومة تصريف الأعمال بمثابة حكومة لا تتجاوز الدستور وبنفس الوقت لا تعترف بأن مهمتها هي حراسة الشلل وعدم الإقدام على تسيير شؤون المواطن وضخ حياة في مؤسسات الدولة.

وبدل أن يتم الاعتراف لميقاتي بأنه يصنع من الضعف قدرة على العمل؛ وبدل الاعتراف له بأنه يتصرف بأقصى ما هو ممكن ضمن صلاحيات تصريف الأعمال؛ فهناك من ينبري في كل مناسبة ليأخذ عليه أنه يعمل(!!)، وأنه لا يستسلم لمعادلة أن تصريف الأعمال التي يجب أن تعني – وفق منطقهم – الاستسلام لحالة إدخال الدولة ومؤسساتها بشلل وطني عام..

واليوم يعمل ميقاتي “بأقصى جهده الممكن الوطني” لتجنيد موقف دولي يساند مطلب لبنان بوقف العدوان الإسرائيلي عليه. وفي هذا السياق يمكن القول إن الرئيس ميقاتي نجح في توظيف رصيده الشخصي والمعنوي والوطني لمصلحة فتح نوافذ كانت موصدة في العالم بوجه لبنان؛ وأنتج جهده هذا معادلة تفيد بأنه ما كان مستحيلاً دولياً وإقليمياً أمام لبنان، أصبح ممكناً..

لا شك أن الحرب الإسرائيلية الحالية تختلف عن حرب العام ٢٠٠٦ وذلك من عدة نواحي، لعل أبرزها أن العالم يقف صامتاً إزاء إجرام نتنياهو الذي يمارس كل دهائه من أجل استمرار الحرب. وعليه فإن الرئيس ميقاتي يقود حرباً دبلوماسية ضد تغول إسرائيل، وليس فقط مجرد جهد دبلوماسي لفضح العدوان الإسرائيلي ولجعل العالم يرفص التعايش مع رغبة نتنياهو بجعل لبنان غزة ثانية.

إن أهم هدف تحرك من أجله الرئيس ميقاتي هو منع نتنياهو من النجاح في إقناع العالم بأنه يجب نقل نموذج تدمير غزة إلى لبنان!!..

ورغم أن آلة القتل الإسرائيلية تخلف أضراراً كبيرة في لبنان، إلا أن العالم تحرك سريعاً – قياساً بموقفه تجاه غزة – من أجل مساعدة لبنان (مؤتمر باريس)، ومن أجل الضغط على إسرائيل لوقف إجرامها ضد بلد الأرز، الخ.. ولا شك أن هذا الجهد هو ثمرة ثمينة من ثمار حراك الرئيس ميقاتي الدولي الذي لا يزال مستمراً حتى الآن.

إن المسؤولية هي إرادة صلبة، وليس فقط صلاحيات من الدستور.. وهي قيادة تستمع لأصحاب الرأي والعارفين وذوي العلاقات والصداقات الخارجية ويتفاعل معهم.. وفي هذه اللحظة يحتاج الرئيس ميقاتي لكل هذه الصفات؛ وهو بلا شك يبدي قدرة على جعل المسؤولية إرادة وطنية جامعة تتجه بكل زخم لتحقيق ثلاثة أهداف كبرى:

الأول العمل مع كل جهات الأرض من أجل وقف العدوان… 

الثاني إظهار الوحدة الوطنية بوجه محاولات زرع الفتنة.

الهدف الثالث يتمثل بأن لبنان لديه عنوان رسمي قادر على تحمل مسؤولياته تجاه المجتمع الدولي وتجاه واجباته للإسهام في الاستقرار في المنطقة.

Exit mobile version