خاص الهديل….
في خطوة أثارت جدلاً واسعاً، اعتذر كل من النائبة حليمة قعقور والنائب أسامة سعد عن المشاركة في الاجتماع الموسع الذي دعا إليه رئيس الحكومة نجيب ميقاتي مع النواب السنة. وقد استندت قعقور إلى رفضها الانضمام إلى “لقاءات تحت عناوين طائفية”، وهو الموقف الذي ليس بجديد عليها، بل يبدو أنه جزء من نهج ثابت تتبعه، حيث تميل إلى السباحة ضد التيار، حتى لو كان ذلك في بحر عاصف. فهل يمكن أن يكون هذا الموقف مبرراً؟ أم أنه يعد بمثابة إصرار على العزلة عن واقع مجتمعها وطائفتها؟
النائبة حليمة قعقور، التي تمثل من خلال ترشحها “المقعد السني” في مجلس النواب، تنكر أن يكون هناك تفاعل إيجابي مع الدعوات التي تأتي من مؤسسات تمثل هذه الطائفة؛ فإذا كانت الانتخابات قد جرت وفق نظام طائفي يعتمد على وجود نواب يمثلون طوائفهم، فكيف يمكن لممثلة عن الطائفة السنية أن ترفض دعوات للحوار والتشاور مع زملائها النواب؟ الأغرب من ذلك أن قعقور سبق لها أن رفضت الدعوة التي وجهها مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان منذ أكثر من عام، مما يثير تساؤلات حول مدى التزامها بالمسؤولية النيابية تجاه قضايا طائفتها.
إن رفض قعقور المشاركة في اللقاءات التي تهدف إلى التشاور حول قضايا لبنان المستقبلية يعكس نهجاً يعارض العمل المشترك في وقت عصيب يمر فيه البلد. فهل يمكن أن تكون هذه المواقف النابعة من “مبدأ الطائفية” هي المسار السليم في ظل الأزمات المتلاحقة؟ أم أن المطلوب هو التوحّد والعمل الجماعي لحماية لبنان، وليس العزلة على هامش الأحداث؟
أما النائب أسامة سعد، فإن تاريخه مع الاعتذارات عن اللقاءات لا يختلف عن قعقور، بل يمكن القول إن دفتر غيابه قد يُسجل تحت اسمه كلما كانت الدعوة للاجتماع تتعلق بالقضايا المشتركة بين النواب. أسامة سعد، الذي كان دائماً بعيداً عن السرب، يبدو وكأنه يفضل الوقوف على الهامش، تاركاً الفرصة لزملائه من نواب الطائفة السنية للتشاور وتقديم الحلول للمشاكل التي يواجهها لبنان. لكن هل هذه العزلة عن الحوارات الوطنية ستحقق نتائج ملموسة؟ بالتأكيد لا. فما يحتاجه لبنان الآن هو وفاق سياسي يتجاوز الانتماءات الضيقة، ويبحث عن حلول للأزمات التي يرزح تحتها.
إن رفض حليمة قعقور وأسامة سعد المشاركة في اللقاءات أو الحوار الوطني يعكس عجزاً عن فهم الواقع السياسي المعقد الذي تمر به البلاد. فالاعتذار المستمر عن المشاركة في لقاءات تبحث في مصير لبنان ومستقبل الأجيال ليس فقط عبئاً على النواب أنفسهم، بل على المجتمع اللبناني ككل؛ فعندما يتجنب النواب المسؤولية ويتنصلون من واجبهم في التشاور، فإنهم لا يسهمون في تحسين الوضع، بل يعمقون الفجوة بين أبناء الطائفة وبين السلطة التنفيذية.