خاص الهديل…
بقلم: ناصر شرارة
بات المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين يمثل للبنانيين لغزاً بأكثر مما هو يمثل موقعه كموفد من قبل الرئيس الأميركي بايدن لإنهاء الحرب الإسرائيلية مع حزب الله(!!).
في المرة السابقة جاء هوكشتاين إلى إسرائيل، وانتظره اللبنانيون حتى يأتي إلى بيروت حاملاً معه ملاحظات أو ردود نتنياهو على موقف لبنان من القرار ١٧٠١؛ ولكنه لم يأت، وسافر من تل أبيب عائداً إلى نيويورك.
.. آنذاك؛ وكان ذلك قبل عقد الإنتخابات الأميركية بأيام قليلة؛ اقتنع اللبنانيون بأنهم أخطأوا حينما انتظروه وعللوا ذلك بسبب بسيط، وهو أن هوكشتاين في عز عهد إدارة بايدن لم ينجح بالحصول على موافقة نتنياهو على وقف النار لا في غزة ولا في لبنان؛ فهل يعقل أن ينجح الآن بفعل ذلك، علماً أن إدارة بايدن سواء فاز ترامب أو هاريس (حينها) هي في وضع من تستعد لحزم حقائبها استعداداً للخروج من البيت الأبيض(؟؟).
.. أضف أن عاقلاً واحداً لا يمكنه الاقتناع بأن نتنياهو سيهدي وقف إطلاق النار لإدارة ذاهبة معرضاً نفسه بتصرفه هذا لحصد غضب إدارة (ترامب) يحتمل أنها قادمة؟!!.
.. نفس هذه الأسئلة يجدر طرحها الآن بمناسبة الكلام عن عودة هوكشتاين خلال الأسبوع المقبل إلى لبنان: فهل يعقل أن هوكشتاين الذي يمثل إدارة سقطت في انتخابات الرئاسة ويمثل الحزب الديموقراطي الذي أخرجته انتخابات ٥ نوفمبر من البيت الأبيض وأيضاً من غرفتي الكونغرس، سوف ينجح في المهمة التي فشل بتحقيقها حينما كانت إدارة حزبه كاملة الأوصاف وحاكمة ولديها كل ترسانة نفوذ البيت الأبيض؟؟.. واستدراكاً هل يعقل أن عاقلاً واحداً سيصدق أن نتنياهو سيهدي الإدارة الديموقراطية الراسبة في الإنتخابات والخارجة بعد شهرين من البيت الأبيض إنجاز وقف النار في حرب لبنان(؟؟) وسيحبس هذا الأمر عن الرئيس القوي العائد إلى حكم أميركا والعالم ابتداء من ٢٠ يناير؟!!.
.. ولكن اللبناني العاقل لا يزال يحق له أن يسأل لماذا يعود هوكشتاين إلى بيروت في هذه اللحظة الميتة بالنسبة لإدارة الديموقراطيين، طالما أنه لن يتمكن من أخذ شيء لوقف الحرب لا من نتنياهو ولا حتى من الرئيس نبيه بري صعوداً حتى السيد خامنئي؟؟.
في الزيارة السابقة التي وصل فيها إلى إسرائيل ولم يأت إلى لبنان برز تحليل يقول إن هوكشتاين جاء في جولة ظاهرها يدعي أنه يبحث عن حل لوقف الحرب في لبنان، وجوهرها الحقيقي هو أنه كانت زيارة للبحث عن أصوات العرب الأميركيين من أبناء الولاية المتأرجحة ميشيغن الذين يتجهون للامتناع عن منح هاريس أصواتهم لأن الإدارة الديموقراطية لا تضغط على نتنياهو لوقف الحرب في غزة ولبنان.. أراد هوكشتاين حينها في زيارته التي سبقت الإنتخابات بأيام، والتي تزامنت مع بدء التصويت المبكر في ميشيغن، القول أو الإيحاء لأبناء الجاليات العربية في ميشيغن أن إدارة بايدن (ومعها المرشحة هاريس) تحاول حتى آخر لحظة، وقف الحرب وترسل هوكشتاين لهذا الغرض إلى إسرائيل!!.
واضح أن هوكشتاين لم يكن ضمن خطة زيارته حينها القدوم إلى لبنان كون هدف زيارته القول لناخبي ميشيغن من أبناء الجاليات العربية والمسلمة، انه جاء في مهمة للضغط على نتنياهو!!
.. لكن لغز هوكشتاين عاد ليبرز الآن من جديد، وذلك مع تكرار السؤال ذاته: لماذا يأتي الآن طالما أن الإنتخابات انتهت وطالما أن إدارة الرئيس الذي أرسله ستخرج قريباً من البيت الأبيض؟..
هناك إجابة واحدة عن هذا السؤال، وهي إجابة تعتمد على التحليل ورصد جملة مؤشرات؛ مفادها أن إدارة بايدن قد تكون نسقت زيارة هوكشتاين مع الرئيس المنتخب ترامب، وعقدت صفقة معه قوامها أن بايدن وهاريس يبديان كل حفاوة بانتخاب ترامب خلال عمليات تسلم وتسليم البيت الأبيض، بمقابل أن ترامب يوافق على إعطاء عهد بايدن في آخر أيامه هدية وقف الحرب في لبنان، خاصة وأن ترامب لديه مصلحة بأن يدخل إلى البيت الأبيض وقد أصبحت حربي غزة ولبنان وراء ظهره..
وقد يكون أحد التعبيرات العملية عن إمكانية حصول هذه الصفقة، هو قول ترامب لهوكشتاين أمس: إذهب وانجز المهمة!!.
ربما كان ترامب يريد عبر هذه العبارة الإيحاء بأن المسعى الأميركي لوقف الحرب في لبنان يتم بعهد بايدن ولكن مساره يبدأ بإشارة انطلاق من ترامب.
وأيضاً هناك احتمال آخر وهو أن يكون ترامب معنياً بأن يتم الإتفاق على وقف الحرب قبل ٢٠ يناير، ومن ثم يتم إعلانه لحظة دخوله – أي ترامب – البيت الأبيض؛ وبذلك يتم تكرار فكرة انسحاب الجيش الأميركي من أفغانستان؛ حيث أن من أخذ قرار الانسحاب هو ترامب، ومن نفذه هو بايدن..