د. حمد الكواري:
علينا ألا ننسى لبنان ونقف صامتين أمام هول الكارثة
لُبْنَانُ فِي أَسْمَى المَعَانِي لَمْ يَزَلْ
لأُولي القَرَائِحِ مَصْدَرَ الإِيحاءِ
جَبَلٌ أَنَافَ عَلَى الْجِبالِ بِمَجْدِهِ
وَأَنَافَ شَاعِرَهُ عَلَى الشُّعرَاءِ
جبران خليل جبران
ألم يحن بعد وقت التدخّل السريع لإيقاف تدمير لبنان؟
مدن لبنان وقراه ليست مجرد حجر، بل تاريخ وحضارة وتراث ليس فقط للبنان واللبنانيين، بل للعالم عبر التاريخ، ومن قرأ تاريخ هذه المنطقة أو زارها يدرك قيمتها الثقافية والحضارية.
لكن من عاش في لبنان بكل ما يعني العيش من معنى، بحيث رأى بعينه ولمس البعد الجمالي والحضاري والعاطفيّ المرتبط بهذه المنطقة الرائعة ووقف على عمق تاريخها وأثره في حضارات البحر الأبيض المتوسّط، يشعر بألم لا حدود له وهو يرى حجم التدمير الذي تخطى قتل البشر وترحيلهم إلى تدمير التراث والجمال والتاريخ الإنساني وبلغ حدّ تهديد جزء من ذاكرة الحضارات الإنسانية في المنطقة، وحتى عندما يرحل البشر تحت ضغط العدوان وحجم القتل، فإن العدو لا يكتفي بذلك، بل يسعى لتسوية هذه المدن والقرى وما تحتويه من كنوز بالأرض، ويتضح أن الهدف ليس البشر فقط، بل يتخطاهم إلى تدمير التاريخ وتدمير التراث بما يعنيه من أبعاد، حتى وإن خلا المكان من سكانه تماما وأصبح تحت السيطرة، فالمهم لدى اسرائيل هو قتل التاريخ وإبادة الخلفية الثقافية للشعب اللبناني، بحيث أصبح تراث هذه المنطقة هدفا في حد ذاته.
ومن واجب الضمائر الحية لفت أنظار العالم لهذا البعد الذي يتجاوز اللبنانيين لأنه يتعلّق بشأن إنساني
وأطالب اللبنانيين بما يملكون من وزن في الخارج أن يسخروا كل ما يملكون لإيقاف هذا التدمير.
كما أطالب العرب ككل بل والمنظمات الدولية المعنية بالتراث وفي مقدمتها اليونسكو أن تتحرك نحو المحافظة على ما تبقى من هذا التراث الإنساني العظيم.
كمحب لبنان وكإنسان مدرك لحجم المأساة، أحث على التحرك السريع فلعلنا نخفف الخسائر، ففي كل يوم تتّسع ضراوة التدمير وفي كل يوم تخسر الإنسانية جزءا من ذاكرتها، علينا ألا ننسى لبنان ونقف صامتين أمام هول الكارثة.
دكتور حمد الكواري
وزير دولة بدرجة نائب رئيس وزراء
رئيس مكتبة قطر الوطنية