خاص الهديل ..
بقلم: ناصر شرارة
قبل نحو ثلاث سنوات أُبرم اتفاق غير مباشر بين لبنان وإسرائيل على ترسيم الحدود البحرية وعلى تقاسم الغاز بينهما. وتم تنفيذ تطبيقات الاتفاق على الجانب الإسرائيلي الذي بدأ يستفيد من حصته من الغاز المشترك مع لبنان، فيما الجانب اللبناني لم يسمح له بالإفادة من غازه كنتيجة لتوقيعه على الاتفاق.
وما يمكن استخلاصه من هذه الواقعة هو أن أي اتفاق بين إسرائيل ولبنان سوف يتم تنفيذه ليس على أساس ما ورد فيه من بنود، بل على أساس موازين القوى المحيطة به.. بمعنى آخر؛ لن يكون كافياً توقيع لبنان على أي اتفاق مع إسرائيل حتى يحصّل لبنان حقوقه الواردة في هذا الاتفاق؛ بل المطلوب أن يكون للبنان قدرة على حماية تحصيل حقوقه الواردة في الاتفاق بعد توقيعه وخلال تنفيذه..
وبهذا المعنى فإن اتفاق ترسيم الحدود البحرية وتقاسم الغاز المشترك مع إسرائيل؛ يجب أن يوضح للبنان أن توقيع الاتفاق شيء وتطبقه وتنفيذه شيء آخر. فالأمر الأول يحتاج لمعركة سياسية وربما عسكرية لانتاجه؛ بينما الأمر الآخر- أي تطبيقه – يحتاج لحرب حتى تعترف إسرائيل بمكاسبك به كأمر قائم.
.. وعليه، سيكون ضرورياً بمناسبة الذهاب مجدداً لتطبيق القرار ١٧٠١ أن يطلب لبنان من الراعي الأميركي أمرين إثنين:
الأول أن يفي الأميركي بوعده بخصوص اتفاق ترسيم الحدود البحرية وذلك لجهة السماح للبنان باستخراج غازة أسوة بإسرائيل التي بدأت باستخراج غازها بعد توقيع الاتفاق..
الأمر الثاني أن يتم سؤال واشنطن عن سبب سريان مفعول الاتفاق البحري (الغاز) على الجانب الإسرائيلي، وحرمان لبنان من جني ثماره على حانبه؟؟. وأن تستطرد بيروت وتكرر على واشنطن نفس السؤال بخصوص القرار ١٧٠١؛ بمعنى هل أيضاً سيطبق فقط من الجهة اللبنانية ولا يطبق من الجهة الإسرائيلية؟؟؛ ولماذا سيستمر تطبيقه على أساس أنه ينص على وقف الأعمال العدائية وليس وقف النار؟؟؛ وهل سيجري تنفيذه وفق موازين قوى تسمح لإسرائيل بدخول لبنان عسكرياً عندما تريد؛ فيما يفرض على لبنان تطبيقه بحذافيره ناقص أية حقوق أمنية له به؛ تماماً كما طبق لبنان اتفاق الحدود البحرية ناقص الحصول على مكاسبه من الغاز فيه؟؟.
.. مرة أخرى بخصوص القرار ١٧٠١ سيظهر أيضاً أن أي اتفاق مباشر أو غير مباشر مع إسرائيل سيكون مؤلفاً واقعياً من فصلين إثنين: الأول هو فصل توقيعه الذي يترافق بالعادة مع ضغط عسكري إسرائيلي على لبنان أو التهديد بممارسة ضغط عسكري؛ والثاني هو فصل القدرة على حماية المكاسب المتأتية منه(!!)؛ بمعنى قدرة لبنان على ضمان حسن تطبيقه بحيث يحقق منه بلد الأرز مصالحه ولا يقتصر جني العسل على إسرائيل..
إن إسرائيل بكل اتفاقاتها مع لبنان تمارس لعبة تقسيم أي اتفاق إلى فصلين: توقيع وتطبيق؛ وتقوم بالفصل بين هذين الفصلين بشكل كامل؛ وهي تعتمد سياسة الاستقواء بتنفيذ الفصل الثاني من الاتفاق على موازين القوى المختلة التي تميل لصالحها من خلال الدعم الأميركي لها..
المطلوب هذه المرة – إن كان يوجد مرة جديدة فعلاً – الذهاب للاتفاق على ١٧٠١ زائد ليس تعديلات عليه بل زائد ضمانات أميركية للبنان بخصوص أن لا تدعم واشنطن “فصل تنفيذه” على أساس موازين قوى في صالح إسرائيل. وأيضاً – وهذا أمر مهم – يجب أن يلحظ أي اتفاق جديد لتنفيذ ١٧٠١ قيام واشنطن بتصحيح موقفها غير المؤيد لاستخراج لبنان غازه من بحره.