خاص الهديل…
بقلم: ناصر شرارة
يلاحظ على نحو لافت وواضح أن إسرائيل تتجه لتنفيذ قرار همجي وهو “إعدام الضاحية الجنوبية لبيروت”!!
.. وما يدعو لطرح هذا العنوان الصادم والمروع (إعدام الضاحية الجنوبية) هو عدة أمور: أولها السير التدريجي والممنهج من قبل آلة الحرب الإسرائيلية نحو تحقيق هدف تدمير الضاحية مربع سكني بعد مربع سكني، وحي مدني بعد حي؛ والحجة دائماً جاهزة وهي وجود قواعد خفية لحزب الله!!
ثانياً- تتعمد إسرائيل أن تزيد منسوب الدمار بشكل تصاعدي في الضاحية الجنوبية لبيروت، وذلك وعلى نحو يومي وخاصة خلال الفترة الأخيرة التي تلت انتخاب دونالد ترامب!!..
لماذا؟
لأن نتنياهو حصل على تفاهم مع ترامب وذلك خلال حملة الأخير الانتخابية؛ ويقوم هذا التفاهم على أمرين: الأمر الأول أعرب فيه ترامب عن تفهمه لطريقة تفكير نتنياهو بخصوص ما يجب فعله تجاه لبنان وغزة؛ أي أنه على عكس بايدن؛ فإن بايدن لا يعارض استراتيجيته تجاه لبنان وغزة..
والأمر الثاني تمثل بأن ترامب طلب من نتنياهو أن يسرع في إكمال المهمة؛ بمعنى أن عليه أن يسرع عمليات القتل والتدمير وبلوغ هدفه الهمجي ضد لبنان وغزة قبل ٢٠ يناير..
والترجمة العملية لما تقدم يعني أن نتنياهو حتى ٢٠ يناير يتمركز في خندق الاستمرار بالحرب، ولكن بشكل مكثف؛ وغايته من ذلك هو تسريع إنجاز المهمة وإنشاء سباق بين المهمة التدميرية وبين الوقت الذي سينتهي مبدئياً – ولبس بالضرورة عملياً – في ٢٠ يناير؛ ذلك أنه لا يستبعد – لأسباب ليس هنا مجال طرحها – أن ينجح نتنياهو بأن يجعل ترامب يوافق على تمديد وقت القتل والتدمير الإسرائيلي لوقت إضافي.
.. وبهذا المعنى فإن نتنياهو سيكون حتى ٢٠ يناير مستغرقاً كلياً في تسريع إنجاز المهمة؛ والمهمة هنا هي الاستمرار بحرب التدمير والقتل وفرض معادلة تقول إن قوة النار الإسرائيلية الكبيرة التي هي واقعياً ذات قوة النار الأميركية العملاقة، ستكون هي الخيار الذي ستتبعه إسرائيل قبل وصول ترامب وبعد وصوله، في حال تم رفض شروط الحل الإسرائيلي ليس فقط في لبنان وفي غزة بل في كل المنطقة.
وتجدر تجاه هذه الجزئية إيضاح أن السلاح شبه الوحيد والأبرز الذي تعتمده إسرائيل في هذه الحرب، هي قوتها النارية الشبيهة من حيث ترسانتها لقوة النار الأميركية؛ والمقصود هنا ليس فقط من حيث غزارتها، ومن حيث أنها لا تنفذ بفضل التغذية الأميركية لها، بل أيضاً لجهة أنها قادرة على الوصول إلى أبعد مدى جغرافي وإلى آخر عمق تحت الأرض.
والواقع أن هذه “القدرات النارية العملاقة” هي ميزة ممنوحة بالكامل لإسرائيل من قبل أميركا التي تزودها بسلاح لا يخضع لشروط والتي تزودها بقدرات متطورة تكنولوجياً وتدميرياً؛ الخ..
وما يحدث اليوم هو أن إسرائيل لديها ترخيص لاستعمال قوة النار العملاقة التي تملكها ضد لبنان وتحديداً لتنفيذ هدف تدمير الديمغرافيا الشيعية في لبنان. وعلى رأس أهدافها على هذا الصعيد تدمير المدن الشيعية – إن جاز التعبير – أي مدن صور والنبطية وبعلبك وبالمقدمة الضاحية الجنوبية.
وهناك عدة أهداف وراء حملة التدمير هذه:
أ- ما تسميه إسرائيل كيّ وعي القاعدة الإجتماعية للمقاومة في لبنان.
ب- تعتبر الدراسات الإسرائيلية وخاصة الصادرة عن معهد الما المختص بتحليل أحداث الحرب في الشمال؛ أن الضاحية الجنوبية لديها دور في مجال إنشاء صلة العلاقة الاقتصادية والمصلحية بين المقاومة والبيئة الشيعية. وعليه تنصح هذه الدراسات بمحو الضاحية لقطع صلة الوصل الاقتصادي بين الضاحية ومشروع حزب الله.
ج- وترى إسراىيل أن تدمير الضاحية سيؤدي إلى خلط الأوراق الديموغراقية في لبنان على نحو يخدم هدف الأهداف الإسرائيلية الخبيثة وهو الفتنة الداخلية اللبنانية.