خاص الهديل…
بقلم: ناصر شرارة
أمس سلّمت السفيرة الأميركية في بيروت ليزا جونسون الرئيس نبيه بري المقترح الإسرائيلي لوقف النار في لبنان؛ وقالت مصادر عين التينة إن بيروت سترد على هذا المقترح بغضون يومين أو ثلاثة.
لقد كشفت قناة ١٣ العبرية عن أهم سر في هذا المقترح الإسرائيلي، وفحواه أن الاتفاق يتضمن ورقة مبادئ بين لبنان وإسرائيل وإلى جانبها هناك ورقة أخرى تخص إسرائيل والولايات المتحدة الأميركية، ويوجد فيها ضمانة أميركية لإسرائيل بأنها تستطيع متى اشتبهت بوجود أي تحرك عسكري لحزب الله فوق الأراضي اللبنانية أن تقوم باستهدافه من دون الرجوع لأية جهة، ومن دون أخذ الإذن من أية جهة في العالم(!!)
.. بهذا المعنى يبدو أن الاتفاق المعروض على لبنان هو اتفاقان وليس اتفاقاً واحداً: اتفاق لوقف النار بين تل أبيب وبيروت؛ واتفاق ثاني يقدم ضمانة أميركية لإسرائيل ضد لبنان وضد كل العالم، بخصوص موضوع أنها تستطيع تجديد حربها على لبنان متى وجدت [هي] ومن وجهة نظرها، أن أمنها بحاجة لذلك!!
.. والتفسير السياسي والعملي لهذا البند يعني – وسيعني في حال إقراره – التالي:
أولاً- الاتفاق بصيغته المطروحة، لا ينهي إطلاق النار ولا يوقف العدوان الإسرائيلي على لبنان، بل يعلق إطلاق النار، ويعلق العدوان الإسرائيلي على لبنان.
ثانياً- الاتفاق يمس بالسيادة اللبنانية، لأنه يسمح لإسرائيل بالاعتداء على لبنان متى وجدت ذلك من وجهة نظرها، ضرورياً لأمنها. وهذا المفهوم يشكل تجاوزاً لأعراف السلم والأمن العالميين؛ حيث الأساس في هذا المجال هو أن تذهب أي دولة تجد أن هناك خطراً على أمنها من قبل دولة أخرى إلى الأمم المتحدة أو إلى مؤسساتها المختلفة لطرح هذه المشكلة أمامها ليتم اتخاذ الموقف منها.
.. وعليه، فإن واشنطن تجيز لإسرائيل أن تتجاوز مجلس الأمن والقانون الدولي بخصوص طريقة إدارة عدوانها مستقبلاً على لبنان.
ثالثاً- أغرب ما في هذا المقترح هو أنه جرى التفاوض عليه بين إسرائيل وأميركا ومن ثم أرسل إلى لبنان كصيغة يتم القبول لها كلها أو رفضها كلها..
الواقع أن طريقة التفاوض على المقترح يستبطن بداخله شن حرب نفسية على لبنان عبر الإيحاء للمفاوض اللبناني أنك في حال رفضت المقترح فأنت لا ترفض فقط مقترحاً إسرائيلياً بل أيضاً ترفض مقترحاً أميركياً؛ ما يجعل فاتورة الرفض عالية.
يبدو واضحاً أن المقترح الإسرائيلي له هدف أساسي وهو تقديمه لبيروت كي تقوم الأخيرة برفضه، مما يمنح نتنياهو غطاء سياسياً كي يستمر بالقصف التدميري على لبنان وذلك تحت شعار أن لبنان رفض الحل السياسي والمقترح المقدم من أميركا لوقف النار؛ ولذلك لم يعد أمام إسرائيل سوى الخيار العسكري..