خاص الهديل…
بقلم: ناصر شرارة
بعد ليلة من حرب أعصاب لا يمكن تحديد الجهة التي أدارتها عبر تسريبات إعلامية مكثفة عن إرجاء مجيء هوكشتاين إلى لبنان؛ تبين عدم جدية هذه التسريبات بدليل أن هوكشتاين مبعوث الرئيس الأميركي وصل فعلاً إلى بيروت صباحاً.
.. وهكذا أصبح نصف الكوب مملوءاً.. أما النصف الآخر فيحب على هوكشتاين أن يملأه في تل أبيب. وهناك – أي في إسرائيل – توجد بخصوص قبول إسرائيل بوقف النار مع لبنان ذات المعادلة التي تحكمت وتتحكم حالياً بموافقة حكومة نتنياهو على وقف النار في غزة: سموتريتش وبن غفير يهددان نتنياهو بأنهما سيخرجان من الحكومة ويسقطانها فيما لو وافق الأخير على إبرام صفقة تبادل أسرى مع حماس من دون ضمان أن تعود إسرائيل للحرب لتصفية حماس بعد أخذ الأسرى الإسرائيليين منها. وبخصوص لبنان قال أمس سموتريتش خلال خطابه في الكنيست إن إسرائيل لن توافق على وقف النار مع حزب الله إلا إذا عاد الأخير إلى ما وراء خط الليطاني؛ وإلا إذا ضمنت إسرائيل أنها تستطيع متى رأت ذلك ضرورياً العمل عسكرياً في جنوب لبنان بعد توقيع اتفاق وقف النار.
قناة ١٣ الإسرائيلية قالت إن الحزب قبِل العودة إلى ما وراء خط الليطاني، ولكن المشكلة العالقة هي أن لبنان يرفض أن يمنح إسرائيل حرية العمل العسكري في جنوب لبنان بعد وقف النار..
وبين كلام سموتريتش وكلام القناة ١٣ توجد الحقيقة الصعبة، وهي أن حكومة اليمين في إسرائيل لن توافق على اتفاق لا يتضمن النقطة التي يرفضها لبنان وهي منح الجيش الإسرائيلي حرية العمل العسكري في جنوب لبنان بعد وقف النار. وعليه قد يتكرر الموقف الممجوج المكون من المشهد الممل التالي: يوافق لبنان على مقترح كان وافق عليه نتنياهو من خلال وزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر؛ ولكن قبيل إعداد احتفال توقيع الاتفاق يعتذر نتنياهو عن التوقيع لأن وزيري أقصى اليمين في حكومته لم يوافقا على اتفاق لا يتضمن البند الذي لا يمكن للبنان الموافقة عليه؛ وهكذا تنهار المفاوضات ويبقى منها السؤال المقصود والملتبس وهو: من تسبب بانهيار الاتفاق؛ هل هو نتنياهو المناور أم سموتريتش وبن غفير اللذين يشترطان الحصول على البند المستحيل (إعطاء إسرائيل حرية الاعتداء على لبنان متى شاءت)، أم حزب الله الذي رفض الموافقة على طلب سموتريتش ما أحرج نتنياهو الخائف على حكومته من السقوط بفعل تهديد حزبي أقصى اليمين بالخروج منها؛ وفيما لو فعلا ذلك وسقطت حكومته، سيجد نتنياهو نفسه واقفاً على باب السجن منقاداً من التهم الجنائية الموجهة إليه، والتي كان آخرها اتهامه بتسريبات خرجت من مكتبه بهدف تضليل أهداف الحرب!!
هذا السيناريو مرشح للحدوث تماماً كما حصل عشرات المرات في مفاوضات غزة وكما حدث في آخر مفاوضات حصلت بخصوص وقف النار في لبنان قبل اغتيال السيد حسن نصر الله.
ولكن هناك فسحة انتظار لساعات حتى يتبين إلى ماذا سيصل هوكشتاين، وحينها سيكون من الممكن معرفة ما إذا كانت حرب لبنان بات لها داخل إسرائيل؛ وفي مرحلة بدء حقبة ترامب؛ حسابات أخرى غير تلك التي تحكم حرب غزة؟؟.