خاص الهديل…
لا شك أن قرار المحكمة الجنائية الدولية باعتقال رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت، يُعتبر ضربة قوية لإسرائيل ولداعميها، خاصةً الولايات المتحدة، وهو في الوقت ذاته – القرار – رفع للعتب في ظل التخاذل الدولي وعدم القيام بمسؤولياته الأخلاقية تجاه المأساة التي يعيشها السكان في غزة، وكذلك الأمر بالنسبة في لبنان.
أما الحديث عن قرار المحكمة الجنائية الدولية أنه رد للاعتبار، فهذا يكفي أنه يضع إسرائيل لأول مرَّة في دائرة اتهام دولية، بل هذا القرار يمثل ضغطاً كبيراً حاضراً ومستقبلاً على إسرائيل بغض النظر عن تنفيذه أم لا؛ لأن من المؤكد أن القرار من شأنه أن يمحو السردية الإسرائيلية التي دائماً ما كانت تتعامل بها كسلاح لجذب تعاطف الرأي العام العالمي، وكانت تُسخّر لها المليارات من الدولارات بل وأيضاً وظّف اللوبي الصـ ـهيوني لوسائل الإعلامية العالمية والدولية لصالح تعزيز السردية الإسرائيلية منذ 1948.
وعليه يمكن الملاحظة أن هناك تحول كبير في سياسة الدول التي رحبت بقرار المحكمة الدولية، فنجد فرنسا وكندا وإيطاليا وهولندا وبلجيكا والعديد من الدول الأوروبية التي كانت داعمة لإسرائيل أصبحت الأن في حالة رفض لما يقوم به نتنياهو من جرائم ضد الفلسطينيين، وبذلك أعلنوا ترحيبهم بقرار الجنائية الدولية ضد نتنياهو وجغلانت.
لكن دعونا نقول أن محاسبة الذات أكثر ما يؤلم، فلا يوجد إهانة أو ذل أكبر من أن المحكمة التي أنشئت من أجل إنصاف إسرائيل، هي اليوم التي تقوم بوضعها في قفص الاتهام.
وتبعاً للقرار الصادر من المحكمة الجنائية الدولية يستوجب البناء على هذا القرار أي ملاحقة مرتكبي جرائم الحرب، باعتبار أن ما حدث هو إقرار دولي بنزعِ أي شرعية حاولت إسرائيل وواشنطن الاحتماء بها فى الحرب على غزة.
وبالإضافة لما سبق نرى أن للقرار مكاسب اخرى، منها أن هذا القرار وضعَ نهاية جديِّة للحياة السياسية لنتنياهو، لأنَّ أي محاولة للإصرار على بقائه في السلطة يعني تحدياً للمجتمع الدولي، وعُزلة إضافية لإسرائيل.
والأهم أن قرار المحكمة الجنائية باعتقال نتنياهو وغالانت فتح المجال لملاحقة شخصيات أخرى في الحكومة والجيش الإسرائيلي، وفقاً لتوفر أدلة اتهامات لهم بارتكاب جرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية في ظل ممارسة أعمال الإبادة الجماعية والتطهير العرقي في حق الفلسطينيين.
وكل هذا يعنى أن إسرائيل تلقت هزيمة استراتيجية جديدة، ستدفع ثمنها مستقبلاً رغم القتل والقصف وإبادة الفلسطينيين أو حتى تحقيق إنجازات على الأرض يتصورها أنها انتصارات.