خاص الهديل…
بقلم: ناصر شرارة
في كلمته المقتضبة ليلة أمس والتي أعلن فيها عن موافقة الكابينت على اتفاق وقف النار، كشف نتنياهو سراً حتى ولو أنه تحدث عنه بوصفه أمراً معروفاً، ولا يرتب أية أسئلة حوله.. قال نتنياهو إن هناك ثلاثة أسباب دفعت حكومته للموافقة على اتفاق وقف النار مع لبنان.
أول سبب يتعلق برغبته بالتركيز على إيران؛ وثاني سبب يتعلق بحاجة الجيش لالتقاط النفس لإعادة تأهيل جهوزيته؛ ولإعادة توريد السلاح الأميركي إلى مستودعاته بعد أن خف منسوب هذا التوريد نتيجة تراكم الخلاف السياسي بين نتنياهو وإدارة بايدن حول أمرين إثنين؛ الأول عدم استجابة تل أبيب لطلب البيت الأبيض بتخفيف معاناة غزة الإنسانية والثاني عدم قيام نتنياهو بإبرام صفقة الأسرى مع حماس.
أما السبب الثالث فهو تراجع حزب الله عن الربط بين جبهتي غزة ولبنان.
والواقع أن أسباب نتنياهو الثلاثة هذه بينها سبب واحد له صلة بأهداف الحرب على لبنان؛ وهو تحقيق فصل جبهتي لبنان عن غزة؛ أما السببان الآخران فهما على صلة بملف حل أزمات علاقة نتنياهو بالإدارة الأميركية الراهنة وبناء خطة سير مبكرة مشتركة مع الإدارة الجمهورية الجديدة..
بمعنى آخر أن الأسباب التي دفعت نتنياهو للموافقة على وقف إطلاق النار مع لبنان مردها حصول صفقة بينه وبين إدارتي بايدن وترامب؛ وبموجبها قبض نتنياهو من الرئيسين الذاهب والقادم أثمان موافقته على وقف الحرب في لبنان..
أما هذه الأثمان فهي إثنان مباشران وإثنان غير مباشرة وبعيدة المدى مثل ضمانات لإسرائيل بأنها تستطيع العودة للحرب ضد حزب الله متى وجدت ذلك ضرورياً لأمنها.. أما بخصوص الثمن المباشر الأول فقد قبضه نتنياهو من بايدن، ويتمثل بسحب الأخير قرار ربط عودة سلاسة تسليح إسرائيل وتجاوز ربط ذلك بموافقة نتنياهو على تحقيق إيقاف لحربه على غزة ورفع حصاره بخاصة عن شمالها؛ وبموجب الصفقة الجديدة فقد بدل بايدن مطلبه بخصوص غزة. وربط إعادة زخم تسليح إسرائيل بتحقيق نتنياهو شرط الموافقة على مبادرة هوكشتاين ووقف الحرب على لبنان؛ أما الثمن الثاني فقد دفعه لنتنياهو الرئيس ترامب ومفاده أنه مقابل أن إدارة ترامب تعد نتنياهو بالتركيز على هدف منع إيران من الوصول إلى لحظة انتاج قنبلة نووية؛ ولكن ذلك يتوجب أن يغلق نتنياهو ملف حرب لبنان ويسير مع البيت الأبيض الجمهوري في رحلة تركيز الجهود ضد إيران.
وبمقابل أن نتنياهو عقد صفقة مع بايدن وترامب مقابل موافقته على وقف الحرب ضد لبنان، فهو أيضاً عقد صفقة مع الثنائي سيموتريتش وبن غفير لنيل عدم قيامهما بالتهديد بإسقاط حكومته اعتراضاً على موافقته على اتفاق وقف النار مع لبنان؛ وفحوى هذه الصفقة أن يكون وقف الحرب مع لبنان من أجل تزخيم طاقة الحكومة لتنفيذ خطط الضم في الضفة والترانسفير في غزة.
وبالنهاية؛ فإن نتنياهو أبرم تسويات ومقايضات مع واشنطن بخصوص كيف يجب التعامل مع الوضع الحالي والمستقبلي في لبنان؛ وأيضاً أبرم تسويات وصفقات مع اليمين المتطرف تم بموجبه موافقته على مسايرة مواقفهم وخططهم تجاه غزة والضفة بمقابل أن يسايروا موقفه تجاه صفقته مع الإدارتين في أميركا بخصوص وقف النار في لبنان.