اختراق علمي.. رصد أقوى الإلكترونات الكونية على الإطلاق
في اكتشاف علمي لافت، أعلن علماء من مرصد H.E.S.S. (نظام الاستريوسكوب عالي الطاقة)، الذي يقع في ناميبيا، عن رصد أعلى طاقة للإلكترونات الكونية على الإطلاق، مما يفتح آفاقا جديدة لفهمنا للكون.
وأوضح ماتيو دي نواروا، الباحث في المركز الوطني الفرنسي للبحث العلمي ونائب مدير تعاون H.E.S.S.، أن “الأشعة الكونية كانت لغزا عمره قرن”. وقد تم اكتشافها لأول مرة عام 1912 بواسطة الفيزيائي النمساوي فيكتور هس، الذي كشف عن جزيئات عالية الطاقة قادمة من الفضاء خلال رحلات بالونات استكشافية.
الآن، وبعد أكثر من عقد من جمع البيانات الدقيقة، تمكن العلماء من رصد أعلى طاقة للإلكترونات والبوزيترونات (نظير الإلكترون ذو الشحنة الموجبة) حتى الآن، وهي مكون أساسي من الأشعة الكونية عالية الطاقة، ويُعتبر هذا الاكتشاف دليلا قويا على العمليات الكونية العنيفة التي تُطلق كميات هائلة من الطاقة.
وأضاف دي نواروا: “فهم هذه الأشعة الكونية يساعدنا في كشف أكبر مسرعات الجسيمات في الكون، والتي ترتبط غالبا بالظواهر الأكثر عنفا، مثل انفجار النجوم والأجرام السماوية المدمجة مثل النجوم النيوترونية والنجوم النابضة، بالإضافة إلى اندماجات كارثية وثقوب سوداء”.
وأشار الفريق إلى أن هذه الإلكترونات عالية الطاقة تأتي على الأرجح من مصادر قريبة نسبيا من نظامنا الشمسي، حيث توجد “مسرعات كونية” قوية للإلكترونات. ويعتقد العلماء أن هذه المسرعات تشمل بقايا نجوم ميتة مثل النجوم النابضة أو بقايا المستعرات العظمى.
وتكمن التحديات في رصد هذه الجسيمات بسبب تشتتها نتيجة الحقول المغناطيسية المجرية، وصعوبة التقاطها بواسطة أجهزة الفضاء نظرا لتوزيعها غير المتساوي في الطاقة.
غير أن مرصد H.E.S.S. يتميز بقدرته الكبيرة على رصد الجسيمات عالية الطاقة، باستخدام نظام متقدم لتحليل البيانات يقوم بمقارنة نماذج محاكاة دقيقة بالصور المسجلة بواسطة التلسكوبات.
ومن خلال هذه الجهود، أكد العلماء أن طيف طاقة الإلكترونات يمتد حتى 40 تيراإلكترون فولت، وهو أعلى بكثير من قدرة أي مسرع جسيمات على الأرض.
وتشير النتائج إلى أن مصدر هذه الإلكترونات هو على الأرجح بقايا مستعرات عظمى قديمة أو نجوم WR ذات الرياح النجمية القوية.
يمثل هذا الإنجاز خطوة مهمة نحو فهم أعمق للأشعة الكونية، وسيوفر بيانات قياسية تُستخدم في الدراسات المستقبلية