الهديل

خاص الهديل: حروب الدول العربية الخمس: “الإقليم البائس”!!

خاص الهديل…

بقلم: ناصر شرارة

خمس دول في المنطقة العربية تعاني من الحروب الداخلية وذات الأبعاد الإقليمية، وتقف على شفا المجاعة، وتمزق نسيجها الديموغرافي موجات النزوح الناتجة عن العنف البيني السياسي والجهوي والديني، الخ.. ففي السودان يستمر الصراع العسكري بين الجيش وبين الدعم السريع؛ وفي ليبيا لا تزال الأزمة أقوى من الرغبة بحلها؛ وفي اليمن حصل تقارب بين طرفي الصراع الإقليمي فيها (السعودية وإيران)، ولكن اليمن لم يعد لا إلى وحدته ولا إلى تطبيق مندرجات الحل السياسي؛ وفي سورية يتم استعادة أجواء الحرب التي اشتعلت عام ٢٠١١، والتي كان تم استيعابها بهدنات وإنشاء مناطق خفض تصعيد؛ غير أن العنف عاد ليستفيق في بلد الياسمين، وفي لبنان وغزة نشبت حربا التدمير وفيما الأولى انتهت على وقف إطلاق نار ملتبس فإن الثانية مستمرة دون هوادة، الخ.

.. والواقع أن كل هذا الواقع المرشح للتفاقم وللاستمرار، جعل هناك اتجاهاً واسعاً في العالم يطلق على منطقتنا تسمية “الإقليم البائس”.

في تحليل ما يحدث يتضح أن المنطقة لا يعوزها عوامل خارجية حتى تحرك نزاعاتها الداخلية؛ ولكن مع ذلك فإنه يمكن إرجاع ما يحدث اليوم من فوضى وحروب وعدم استقرار في المنطقة إلى عدة أسباب رئيسة، يمكن ترتيبها من حيث الأهمية على الشكل التالي:

السبب الأول مسؤولة عنه سياسات بنيامين نتنياهو الذي لا ينفك يعلن منذ العام الماضي أنه ذاهب لتغيير خارطة الشرق الأوسط بقوة النار الأميركية التي يملكها من جهة وبالذريعة القوية التي يتوسلها ومفادها أنه يريد طرد النفوذ الإيراني المزعزع للاستقرار في الشرق الأوسط من جهة ثانية(!!).

إن مجرد إعلان نتنياهو أنه في سبيله لتغيير الشرق الأوسط فإن هذا شكّل دافعاً لتقوم دول إقليمية وازنة في المنطقة بتغيير توجهاتها السياسية وتبَني سياسات تعمل على بناء سدود دفاعية بدل أن كان التوجه خلال الأعوام الأخيرة هو بناء قنوات انفتاح وطي صفحة خلافات الماضي.

لقد بدأت دول المنطقة تستشعر بخطورة أن تكون إسرائيل المدعومة من أميركا لديها أجندة أهداف ذات مصالح جديدة- قديمة توسيعية؛ ومن هنا بدأت هذه الدول تحول سياساتها باتجاه أن تصبح دفاعية – هجومية في ذات الوقت.

السبب الثاني المسؤول بخاصة عن الوضع الحالي في سورية، هو حجم القلق الناتج إقليمياً وعالمياً من الأجندة غير المقرؤة التي سيتبعها ترامب في الشرق الأوسط بعد يوم ٢٠ يناير المقبل؛ وأبرز عناوينها التي تستتبع التوتر – والمسؤولة لحد بعيد عن نشوب حرب حلب – هي حالة عدم اليقين السائد في الإقليم بخصوص ما إذا كان ترامب يريد سحب الجيش الأميركي من شرق الفرات في سورية؟.. وما إذا كان ترامب سيسحب جيشه من سورية بنفس الطريقة المفاجئة التي أخذ فيها قرار سحب الجيش الأميركي من أفغانستان؛ أم أن ترامب سينسق الانسحاب العسكري مسبقاً؛ ومع من سيفعل ذلك؟؟؟.

هذه الأسئلة تثير الخشية في المنطقة، نظراً لعدم وجود اتفاق بين الدول المنخرطة في الأزمة السورية حول كيف سيتم تعبئة الفراغ العسكري الأميركي في سورية في حال قرر ترامب الانسحاب؛ فهل يجب أن تعبئه موسكو؟؟ أم تركيا أم إيران، أم يجب أن تعود لهذه المنطقة الغنية بالنفط الدولة السورية؛ ولكن هل يجب أن تعود قبل الحل السياسي الداخلي أم بعده؟؟؛ وهل يجب أن يتم بحث تعبئة الفراغ الأميركي داخل إطار استانا، أم أنه صار يجب دفن هذا الإطار كونه فشل في امتحان ادلب وفي استحقاق حفظ الأمن في مناطق حفض التصعيد؟؟.

مئات الأسئلة التي لها مفعول العبوات الموقوتة ستكون قابلة للانفجار لحظة انسحاب ترامب عسكرياً من سورية، وفيما لو قرر ترامب كما هو متوقعاً أن يترك اللعبة السورية بين أيدي قوى إقليمية – بينها إسرائيل – تتواجد على أرض سورية وتتربص ببعضها الدوائر!!..

Exit mobile version