الهديل

خاص الهديل: ترامب بين نظرية “الطاولة البيضاوية النظيفة” وقائع المشاكل العالمية!!

خاص الهديل…

بقلم: ناصر شرارة

هناك من ينصح بأنه لا يجب على لبنان أن ينام ملأ جفونه لا على وسادة اتفاق وقف إطلاق النار ولا على وسادة يوم ٩ يناير وهو الموعد الذي حدده الرئيس نبيه بري لتجري فيه عملية انتخاب فخامة الرئيس العتيد.

أصحاب هذه النظرية يوصون بتوخي الحذر ويلمحون إلى أن ترامب لن يكون بإمكانه حكم العالم والتحكم بمعادلاته الصعبة والزئبقية؛ ولكن بمقابل القائلين بهذه النظرية، يوجد أصحاب نظرية أخرى “يمجدون اتفاق وقف إطلاق النار” الممهور بحسب وصفهم بتوقيع هيبة الرئيس المنتخب ترامب. ويرى هؤلاء أن ترامب يدفع التاريخ إلى الأمام ولا عودة إلى الوراء، بل ممنوع العودة الى الخلف؛ ويصر هؤلاء على أنه في يوم ٩ يناير سيخرج الدخان الأبيض الأميركي من البرلمان، وسيصبح للبنان رئيس جمهورية حقبة القرار ١٧٠١.

وفي خضم الحيرة بين وجهتي النطر هاتين؛ يقف مراقبون على تلة تطل على مجمل هذا المشهد من فوق؛ ويلاحظ هؤلاء ما يلي: 

أولاً- خلال فترة انتقال السلطة في البيت الأبيض من الرئيس بايدن الذي اتسمت إدارته بالتردد والضعف بخاصة نحو نتنياهو إلى الرئيس ترامب المتصف بالقوة تجاه الجميع، جرت موافقة حكومة أقصى اليمين المتعنتة في إسرائيل على وقف النار مع لبنان. ويشاع أن نتنياهو وافق على وقف النار مع لبنان مرغماً، وتحت تهديد أن ترامب في حال لم يسير نتنياهو بوقف النار في لبنان ومن ثم في غزة، لن ينقذه من ملاحقة محكمة الجنايات الدولية له.

وتقول هذه النظرية ان ترامب أبلغ الجميع في إسرائيل والشرق الأوسط أنه يريد أن يجلس يوم ٢٠ يناير وراء طاولة نظيفة من ملفات حروب غزة وتوابعها.. وصار يطلق هذه الرغبة لترامب مصطلح “الطاولة البيضاوية النظيفة”.

وفق هذا المصطلح فإنه منذ هذه اللحظة حتى حلول موعد ٢٠ يناير سيكون على المنطقة مشاهدة الوقائع التالية:

أ- وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل سيكون أكثر متانة وغير قابل للاهتزاز ..

ب- وقف إطلاق نار في غزة وإطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين.

ج- انتخاب رئيس جمهورية للبنان تنطبق عليه مواصفات دخول بلد الأرز حقبة التنفيذ الجدي للقرار ١٧٠١.

الملاحظة الثانية بمقابل الأولى تعطي صورة عكسية حيث بموجبها يتم توقع سيناريوهات تصعيد ستحتدم فوق غير ساحة في المنطقة؛ ما سيؤدي إلى إرباك إدارة ترامب منذ اللحظات الأولى لبدء مشوارها في حكم الولايات المتحدة الأميركية والعالم.

والدلائل التي تشير إلى أن العالم يتجه ليسير باتجاه يعاكس هيبة إدارة ترامب تتمثل بالتالي:

أ- ان الأحداث الصاخبة التي عادت للاشتعال في سورية؛ إنما توضح وكأن المنطقة تعود للفترة الأولى من حقبة ولاية الديموقراطي باراك أوباما وليس للفترة القادمة من حقبة ولاية ترامب الثانية.

والواقع أن ما يجري على الساحة السورية يدلل على أن الشرق الأوسط هو خزان كبير من النيران الكامنة تحت سطح حبل بركاني هائج يمكن بسهولة لأي طرف متضرر أن يدفعه للفوران. وعليه فإنه من الأرجح أن يصطدم ترامب مع بدء ولايته الثانية بأن قوته هي حقيقة مادية ولكنها غير قابلة للتسييل بسب عمق تعقيدات مشاكل العالم وغرابة توازناته. 

.. أضف لذلك أن ترامب الجاكسوني يدعو لانعزالية أميركا وللانطواء على الذات، وهو يتبع مبدأ “تقليل أهداف أميركا في ساحات الاشتباك العالمية حتى يقلل صرف الموارد فيها”؛ وكل هذا التوجه سيقود إلى أن يصل ترامب إلى مفاضلة بين أن يبقى على نهج جاكسون الذي يضع صورته على مكتبه، والذي يوصي بإدارة الظهر لمشاكل العالم؛ أو أن يضطر للإيمان بعد طول كفر، بمبدأ ولسون وماكفيرلن بضرورة الانخراط بمشاكل العالم حتى تصبح أميركا أقوى.

وتخلص وجهة النظر هذه للقول انه لا يمكن تبسيط ولاية ترامب واختزالها بالقول انه أقوى من المشاكل العالمية وأن من يربح كل أنتخابات الرئاسة الأميركية يربح كل العالم؛ وتهون أمامه كل المشاكل.. فالعالم أكبر من أميركا رغم أن الأخيرة هي الأقوى في كل العالم؛ أضف أن ترامب قد تهزمه مشاكل أميركا الداخلية وذلك حتى قبل أن يصل إلى “فتوحات حروب الصفقة” التي يريد خوضها مع الشرق الأقصى وفي غرب آسيا وفي مشرقنا.

Exit mobile version