الهديل

خاص الهديل: سورية تدخل معادلة السودان: بقاء النظام لكن ضعيفاً!!

خاص الهديل….

 

بقلم: ناصر شرارة 

يجتمع اليوم أو غداً الكابينت الإسرائيلي لتقويم الوضع في سورية ووضع الخطط التي تؤمن لإسرائيل – بحسب ما يرد على لسان تل أبيب – التدخل في سورية؛ وذلك انطلاقاً من اعتبارات تشكل جوهر التفكير الإسرائيلي بالملف السوري الملتهب:  

هناك في إسرائيل وداخل أجهزة الأمن الإسرائيلية سيناريو يرى أن ما يحدث في سوريا يشكل فرصة ولكنه بنفس الوقت يحمل تحديات أمنية على إسرائيل غاية في الخطورة.

الفرص تتأتى من كون إيران تخسر أحد مواقع نفوذها الهامة نتيجة ضعف نظام بشار الأسد؛ ولكن إسرائيل ترى بنفس الوقت أن ضعف الأسد وضعف الجيش السوري وتردد موسكو في دعم سورية، سيجعل النظام في دمشق يرتمي بأحضان إيران كي تؤمن له كل وسائل الحماية. وبالنسبة لإسرائيل فإن هذا الواقع سيخلق لديها مشكلة جديدة قوامها أن يزداد الوجود العسكري الإيراني في سورية ما يهدد لاحقاً بإمكانية فتح جبهة الجولان من قبل طهران كما حصل بتجربة جبهة جنوب لبنان.  

وهناك عامل آخر استراتيجي تخشاه إسرائيل وهي أن تصل ترسانة سورية الكيماوية إلى أيدي الفصائل المسلحة الإسلامية، وحينها ستواجه إسرائيل خطراً داهماً. 

وبمواجهة كل هذه الاعتبارات صاغت إسرائيل نظرية توجه تحركها الراهن تجاه سورية: “تتحرك إسرائيل وفق تقويمها لوضعها الأمني في سورية”؛ كما تضع تل أبيب نظرية ثانية توجه عمل الجيش الإسرائيلي تجاه سورية؛ مفادها: “يستنفر الجيش تحسباً لحصول أي طارئ في سورية”؛ ولكن بعض المعلقين العسكريين يرون أن إسرائيل تفتعل الهواجس حتى تقوم هي بانتاج وضع طارئ في سورية يسمح لها بالتدخل.

وما تريده تل أبيب في سورية هو خلق حالة توازن بالمصالح هناك بينها وبين تركيا: بمقابل إنشاء أنقرة حزام أمني بعمق ٣٠ كلم داخل سورية على الحدود المشتركة التركية السورية؛ تقوم إسرائيل ببناء حزام أمني داخل الأراضي السوري يكون ملاصقاً لحدود الجولان المحتل مع سورية. أيضاً بمقابل أن تركيا لا تريد كيان كردي في سورية فإن إسرائيل لا تريد كيان إسلامي في سورية. 

أما مع روسيا فإن إسرائيل تريد تطوير قواعد التفاهم معها في الميدان السوري بحيث تصبح حميميم شريكة مع تل أبيب في جهد تحجيم الحركة العسكرية الإيرانية في سورية وليس فقط حركة حزب الله.

وبالمحصلة فإن إسرائيل تلخص موقفها في سورية بما يلي: 

منع إفادة إيران من الفوضى بحيث تقوم بزيادة تواجدها العسكري في سورية.

منع وصول الفصائل الإسلامية المعارضة إلى مستودعات السلاح الكيميائية التابعة للجيش السوري.

لا تطرح إسرائيل هدف المساعدة على إسقاط النظام السوري بل تتبنى نظرية تقول يجب إبقاء النظام شرط أن يكون ضعيفاً؛ وبالمقابل يجب إبقاء الفصائل الإسلامية المعارضة قوية وقادرة على مناهضة النظام.

يلاحظ أن سورية دخلت نفس المعادلة الدولية وبخاصة الأميركية الموجودة حالياً في السودان: عدم إسقاط الدولة الممثلة بالجيش وبقيادة البرهان؛ ولكن إبقاءه ضعيفاً؛ وبالمقابل عدم القضاء على معارضة قوة الدعم السريع المعارضة، ولكن دون تمكينها من تسلم الحكم، مع الحفاظ على دورها كقوة ضاغطة على البرهان.

Exit mobile version