الهديل

د. حمد الكواري: “إلى كل أصدقائي السوريين: أنتم اليوم أمام لحظة تاريخية تقول للعالم إن إرادة الشعوب لا تُقهَر”

د. حمد الكواري:
“إلى كل أصدقائي السوريين: أنتم اليوم أمام لحظة تاريخية تقول للعالم إن إرادة الشعوب لا تُقهَر

 

‏مآذنُ الشّامِ تُبكيني.. وتُسعدني
وَلمسُ حجَرِها.. يُضنيني.. ويُشفيني
نزار قباني

 

من حق ‎الشعب السوري اليوم أن يفرح، فقد طالت ليالي الظلم، وعانى من ويلات الطغيان.
تمزقت أرضه، تهجر مواطنيه، ودُمِّرت قُراه، لكن الشعب السوري ظل شامخاً أبيًا لا ينحني.
واليوم، تُكتب صفحةٌ جديدة من تاريخ سوريا صفحةٌ مليئةٌ بالتحديات، لكنها تحمل في طياتها وعداً بمستقبل أفضل إن شاء الله.
إنني أعيش هذه الفرحة بكل جوارحي؛ فسوريا ليست مجرد بلد مررت به ذات يوم، بل هي بلدٌ احتضنني بحب، بلدٌ سكن قلبي وروحي.
هناك عشتُ أجملَ أيامِ حياتي؛ شاباً يافعاً في بداية زواجي، وهناك رُزقتُ بأول أبنائي تميم. ولي في ‎حمص نسب.
سوريا بالنسبة لي ليست مكاناً فقط، بل هي ذاك الحنين الذي يتسلل إلى قلبي كلما ذُكر اسمُها.
هي ذكريات الحميدية وشقيقتاها وتجاره الطيبين؛ هي الحارات القديمة وأهلها الكرام؛ هي رائحةُ الياسمين الذي أشمه وأنا أسير في شوارعها وبين أهلها الأعزاز.
سوريا هي هذا الشعب الذي عرفته عن قُرب، شعبٌ نبيلٌ يعيش بقيمٍ سامية، شعبٌ ينظر إلى الإنسان كإنسان دون أن يسأل عن أصله أو طائفته. كنت بينهم واحدًا منهم، لم أشعر يوماً أنني غريب، فالعروبة عندهم لا تفرق بينهم وبين أي عربي يعيش بينهم.
ولذلك عشتُ آلام هذا الشعب لحظةً بلحظة، وتألّمت لمحنته، وقلبي كان يتمزق مع كل خبر عن تهجير أو قصف أو اعتقال.
سنواتٌ من الظلم استمر الحاكم فقط لأن قوىً أجنبيةً حمت الطاغية، بينما الشعب كان يُذبحُ بصمت، وبلادُه تُدمّر بلا رحمة.
اليوم، حين انهارت قلاعُ الطغيان، انتصر الشعبُ بإرادته التي لا تُقهر مهما طال الزمن وأسقط الطاغيةَ الذي حوّل وطنهم إلى سجن كبير.
فرحتنا اليوم ليست فقط بسقوط الطغيان، بل بما يحمله المستقبلُ من أمل.
أملٍ في وطن جديد يولد من رماد المعاناة، وطنٍ يليق بشعب عظيم أحب الحياة رغم الجراح.
سوريا التي عرفتها وأحببتها ستنهضُ من جديد، لتعود كما عهدناها: أرضَ الكرامة، ومهدَ الحضارة، ووطنًا يحتضنُ الجميع دون تفرقة.
إلى كل أصدقائي السوريين في الداخل والخارج: أخلص التهانيّ من أعماق القلب. أنتم اليوم أمام لحظة تاريخية تستحقونها عن جدارة، لحظةً تقول للعالم إن إرادة الشعوب لا تُقهَر.
دعواتي الخالصة لكم أن تودّعوا الألم، وأن تعود سوريا وطناً للكرامة والعزة، وطنًا يليق بشعبه العظيم.
دكتور حمد الكواري
وزير دولة بدرجة نائب رئيس وزراء
رئيس مكتبة قطر الوطنية
Exit mobile version