غيرت الغرسات الإلكترونية الصغيرة، حياة مئات الآلاف من الأشخاص في المملكة المتحدة، وهي تشمل أجهزة تنظيم ضربات القلب التي تتحكم في أمراض القلب وغرسات القوقعة التي تحسن السمع وغيرها.
وتُمنح الآن ملايين الجنيهات للشراكة بين أشخاص من قطاعات الصحة والعلوم والأعمال في كامبريدج، لتسريع التقنيات الجديدة الجذرية التي يمكن أن تفعل الشيء ذاته لصحة الدماغ.
وستتاح الفرصة للمبتكرين من جميع أنحاء المملكة المتحدة لاختبار أفكارهم، وستدعم أكثر العلاجات الواعدة لتصبح علاجات جاهزة للأشخاص الذين يعانون من حالات مثل الاكتئاب والخرف والألم المزمن.
ويأمل البروفيسور جورج مالياراس، وهو أحد العلماء الرئيسيين في المجموعة، أن يدعم مشروعه الجديد.
يطور فريق غرسات دماغية لعلاج الحالات العصبية والعقلية في مختبر هندسي في جامعة كامبريدج، التي ستؤثر على أربعة من كل خمسة أشخاص، وفق تقديرات الجامعة.
يقول البروفيسور مالياراس: “يمكن أن تمنحنا غرسات الدماغ علاجًا جديدًا للأمراض التي لا يمكن علاجها حاليًا أو أدويتها غير فعالة”، ويرى أن المشروع محفز للغاية.
وتتوسع القائمة باستمرار، وتشمل إصابات الدماغ والحبل الشوكي، ومرض باركنسون، والخرف، والاكتئاب، والوسواس القهري، وهي تبدو واعدة بشأن التهاب المفاصل الروماتويدي ومرض السكري من النوع 1 أيضًا.
وتعمل الغرسات عن طريق إرسال نبضات كهربائية صغيرة تغير الطريقة التي تتصرف بها الخلايا العصبية.
وترسل الخلايا العصبية رسائل بين الأجسام والأدمغة عبر إشارات كهربائية، وتؤثر على طريقة المشي والتحدث والأكل والتنفس، من خلال تغيير طريقة عملهم.
ويمكن القضاء على الألم أو إعادة تحفيز أجزاء من الدماغ المصابة بالمرض أو الإصابة.
يقول البروفيسور مالياراس: “نعلم بالفعل بإمكانية استخدام النبضات الكهربائية لتقليل الهزة لدى البعض المصابين بمرض باركنسون، لكننا نريد تجميع فرق من المهندسين والأطباء والصناعيين من جميع أنحاء المملكة المتحدة لأخذ هذا النوع من التكنولوجيا إلى أبعد من ذلك بكثير”.
يعد حجم الجهاز من التحديات العديدة التي يتعين على الفريق التغلب عليها.
يقول البروفيسور مالياراس: “يجب ألا تكون الأقطاب الكهربائية التي تخرج من الغرسة أكبر من خلية عصبية واحدة، وهذا أصغر بخمس مرات من قطر شعرة الإنسان، لكن إذا كان الجهاز صغيرًا جدًا، فقد تكون هناك صعوبة في التواصل مع الجسم، كما يصعب على الجراحين العمل معه، لذلك فهو عمل متوازن”.
يجب أيضًا التأكد من أن الغرسة يمكن إنتاجها بكميات كبيرة، وأنها فعالة من حيث التكلفة وتعرض المريض لأقل عدد ممكن من الآثار الجانبية.
ولا تعد الغرسات الطبية جديدة على هؤلاء المهندسين، وتقوم الدكتورة تشاو تشون دونغ بتطوير جهاز يمكنه الالتفاف حول الأعصاب الهشة دون إتلافها.
في مكعب زجاجي، تعمل الدكتورة على هيكل صغير يشبه الشريط وهو معلق في سائل، وهو مصنوع من بوليمر مبطن بالذهب. وعند تمرير الكهرباء تتجه تلقائيًا إلى دوامة.
وستكون هذه الأجهزة قادرة على مراقبة النبضات القادمة من خلال العصب أثناء الجراحة المعقدة، ولكنها أيضًا تحفز العصب.
واستخدمت الكهرباء لعلاج الحالات لسنوات عديدة، وبدأ العلاج بالصدمات الكهربائية للاكتئاب الشديد والاضطراب ثنائي القطب منذ عقود.
ويعتقد البروفيسور مالياراس أن الغرسات قد توفر مزايا مقارنة بالعلاجات لمرة واحدة، على الرغم من كونها إجراء جراحيًا.
يقول مالياراس إن الغرسات يمكنها مراقبة الدماغ باستمرار لاكتشاف النشاط غير الطبيعي ثم تصحيحه بلطف أكبر عند الحاجة.
في عام 2021، أبلغ علماء في الولايات المتحدة عن نتائج واعدة من دراسة مبكرة باستخدام غرسات الدماغ لعلاج الاكتئاب الشديد.
وتمول شراكة كامبريدج لمدة ثلاث سنوات من قبل “آريا” وهي الوكالة لدعم البحوث والتقدم العلمي، تدعمها الحكومة.
ويعبر البروفيسور مالياراس عن ثقته من قطع “شوط طويل” لتقديم علاجات جديدة قابلة للتطبيق خلال ذلك الوقت.